يتطلع العالم بقلق ليرى كيف سيضع أوباما بلاده على المسرح الدولي في مرحلة ما بعد بوش. ولا تزال أمامه 75 يوماً قبل أن يتسلم مهامه الرئاسية في البيت الأبيض، إلا أن عليه الكثير مما يجب إنجازه قبل حلول موعد تنصيبه رسمياً. وفي الخامس عشر من الشهر الجاري، يتوقع أن يستضيف الرئيس بوش 20 من زعماء العالم بهدف مناقشة الأزمة المالية العالمية. ولا شك أن أغلب المشاركين في هذا الحدث سيرغبون في الالتقاء بالرئيس الجديد المنتخب، أو على الأقل معرفة رأيه فيما يدور من مناقشات خلال ذلك اللقاء الدولي. وعلى أوباما أن يسارع إلى تعيين وزيري خزانته وخارجيته إلى جانب تعيين مستشاره للأمن القومي. وسيراقب ملايين الناخبين الذين لم يقترعوا لصالحه، كي يروا ما إذا كان أوباما سوف يفي بوعود التعاون الثنائي الحزبي التي قطعها على نفسه، ومدى قدرته على تحقيقها فعلياً بتعيين عدد من المعتدلين الجمهوريين في إدارته. وفي الوقت نفسه تراقب عواصم العالم، من إسلام آباد إلى موسكو وبكين، خطاب السياسة الخارجية الأميركية الجديد، سواء من حيث النبرة أم المحتوى، لترى ما إذا كان قد طرأ عليه التغيير الذي تتطلع إليه دول العالم كافة. وبينما تواجه الإدارة الجديدة تحديات هذا العصر، فإنه لا بد لها من الاستماع إلى ما يقوله الحلفاء القدامى لواشنطن، خاصة الموالين لأميركا في دول مثل فرنسا وألمانيا. ورغم التهديدات الكبيرة التي يواجهها اقتصاد أميركا اليوم، مصحوبة باستنزاف قدراتها العسكرية في عدة جبهات وحروب، فإنها تظل القوة العظمى الوحيدة في عالم اليوم، وكذلك تبقى مواردها وإرادتها. لكن إلى جانبها تبرز عدة دول أخرى تتطلع إلى مشاركتها في النفوذ والوزن الدوليين. فقد أصبحت الصين دولة ذات ثقل اقتصادي هائل، لها صادراتها وعلاقاتها المصرفية الواسعة مع الولايات المتحدة. كما مضى الصينيون شوطاً بعيداً في تمديد علاقاتهم التجارية مع عدة دول في أميركا اللاتينية وأفريقيا. ولا تكف الصين عن إبرام صفقات استيراد النفط من أي دولة مصدرة له، بهدف سد حاجتها المتزايدة للنفط جراء نموها الاقتصادي المتسارع. ثم هناك الهند التي لم يبلغ حجم نموها الاقتصادي ما بلغته جارتها الصين، لكنها ليست متأخرة عنها كثيراً في هذا المجال. والحقيقة أن الهند أصبحت مركزاً رئيسياً للتجارة عن بعد ولتهجير الكثير من الاستثمارات الأميركية. وبحلول عام 2040 يتوقع للهند أن تتباهى بكونها الدولة الثالثة عالمياً من حيث حجم الاقتصاد القومي. هذا وتحتل البرازيل المرتبة الثالثة بين اللاعبين الجدد في المسرح الدولي. وعلى إثر حدوث أكبر عملية اندماج في التاريخ بين مصارفها خلال الأسبوع الحالي، برزت أكبر مؤسسة مالية في قارة أميركا اللاتينية، وصفتها صحيفة "نيويورك تايمز" بأنها ربما تكون إحدى بؤر الضوء النادرة في عتمة الأزمة المالية العالمية الراهنة. ورغم أن روسيا ما بعد العهد السوفييتي لم تعد دولة عظمى، مثل تلك التي عرفناها طوال حقب الحرب الباردة، فإن صادراتها النفطية الهائلة، شجعتها على النهوض والسعي لاستعادة وزنها الدولي مجدداً. وقد تجلى هذا واضحاً من خلال غزوها الأخير لجارتها جورجيا. ففي ذلك الغزو ما يشير إلى رغبة في استعادة الأمجاد الإمبراطورية السابقة. وفي الحالتين، الصينية والروسية، فإنه لا بد لإدارة أوباما من أن تحث كلتيهما على إصلاح أنظمتهما غير الديمقراطية. وعلى السياسات الخارجية لأوباما أن تعطي اهتماماً خاصاً لثلاث دول مسلمة كبيرة: تركيا، باكستان، وإندونيسيا. ففيما إذا ما استقرت وازدهرت الديمقراطية في هذه الدول الثلاث، فربما يكون ذلك نموذجاً يحتذى لنشر الديمقراطية سلمياً في العالم العربي. وعلى سياسات إدارة أوباما الخارجية أن تعود بأميركا إلى نهج التعددية الدولية، باعتباره الطريق الأمثل لتسوية عدد من النزاعات والتحديات الكبيرة، بما فيها أزمتا إيران وكوريا الشمالية، ومواجهة الإرهاب وخطر تنظيم "القاعدة"، إلى جانب التحديات الماثلة في كل من باكستان وأفغانستان. جون هيوز مساعد وزير الخارجية الأميركي في إدارة ريجان ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"