عملت دولة الإمارات العربية المتحدة، خلال السنوات الماضية، على تعميق مفهوم المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات وتأطيره، وقد كان إنشاء "مؤسسة الإمارات" في شهر إبريل من عام 2005 خطوة مهمّة وعلامة بارزة في هذا الطريق، حيث قامت المؤسسة على التعاون بين مختلف القطاعات في المجتمع لتحقيق أهداف عدّة أهمّها تنمية شراكة قوية بين القطاعين العام والخاص بهدف تحقيق وعي اجتماعي تجاه القضايا الحيوية التي تهمّ المجتمع. وفي كلمة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلّحة، خلال حضور سموه الاجتماع الأول لمجلس أمناء المؤسسة، مؤخراً، أكّد سموه العديد من الأمور المهمّة التي تمثّل منطلقاً أساسياً لتعزيز مفهوم المسؤولية الاجتماعية والارتقاء به في الدولة: الأمر الأول أهميّة صياغة تفاهم مشترك لمسألة المسؤولية الاجتماعية بين مختلف القطاعات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص في الدولة. فما من شكّ في أن تحقيق هذا التعاون من شأنه أن يعمّق معنى المسؤولية الاجتماعية من ناحية، ويزيد من مردودها الإيجابي في المجتمع من ناحية أخرى، لأنه يؤدي إلى تجميع الجهود وتكاتفها وبالتالي تأثير أكبر لها، بدلاً من أن يكون الجهد فردياً ومتفرّقاً. الأمر الثاني الذي أكّده الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلّحة، في كلمة سموه، ضرورة نشر ثقافة داعمة لمفهوم المسؤولية الاجتماعية في المجتمع من خلال تأصيل معاني التطوّع والبذل والعطاء بين مختلف فئات المجتمع وشرائحه وتحفيز الناشئة والشباب على الانخراط في برامج وفعاليات تساعد على تحقيق هذا الهدف. أهمية ذلك تنبع من أن المسؤولية الاجتماعية لدى الأفراد أو المؤسسات لا تنشأ في فراغ وإنما في بيئة ثقافية فيها قيّم معينّة تدعم هذه المسؤولية وتسندها وتشجع عليها. الأمر الثالث هو أن الاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية قد أصبح أحد المعايير الأساسية لنجاح المؤسسات والهيئات المختلفة وليس المعايير التجارية أو الاقتصادية فقط، وقد عبّر سموه عن هذا المعنى بوضوح بقوله "في ظلّ تطوّرات الحياة المتسارعة التي نعيشها يومياً لم تعد معايير المؤسسات الناجحة تقاس بالربحية أو بمؤشر التوظيف أو النمو الاقتصادي، بل تجاوزتها إلى أدوار محورية في عملية التنمية المستدامة، والتزامات أخلاقية تترك بصمات ملموسة في خدمة المجتمع المحلي وقضايا البيئة". لقد أصبحت المسؤولية الاجتماعية جانباً أساسياً من جوانب عمل المؤسسات في الدول المتقدّمة، حيث تنخرط هذه المؤسسات في خدمة المجتمع بأشكال مختلفة ومؤثرة، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، سواء من خلال اهتمامها بقضايا التعليم والتدريب والبيئة والتوظيف وغيرها، أو إقامة المشروعات الخيرية التي تستهدف المحتاجين وذوي الدخل المنخفض. وتشير المؤشرات إلى أن أداء المؤسسة لدورها الاجتماعي يعود عليها بالربح الاقتصادي ولا ينطوي على خسارة مادية كما قد يتصوّر بعضهم، لأنه كلما اندمجت هذه المؤسسة في المجتمع وتفاعلت مع مشكلاته، كانت أكثر قبولاً لديه، وهذا يساعدها على خدمة أعمالها وتنميتها. وفي الإمارات تعمل الدولة على توفير بيئة عمل مواتية للمؤسسات من النواحي المادية والتشريعية وغيرها، وبالتالي فإنه من المهم أن تقوم هذه المؤسسات بدورها الاجتماعي المطلوب ولا تنظر إلى هذا الدور من زاوية العمل الخيري فقط، وإنما في إطار رؤية تنموية شاملة ومتكاملة أيضاً. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.