شن وزير العمل البحريني الدكتور مجيد العلوي في لقاء صحفي نشر يوم الأحد 27/1/2008 هجوماً قوياً ضد القطاع الخاص في دول مجلس التعاون الخليجي حيث قال: "إن المنطقة مقبلة على كارثة أخطر من القنبلة النووية، بل ومن أي هجوم إسرائيلي. إننا أمام تغير وجه المنطقة وتحويلها الى منطقة آسيوية بالغالب". واتهم الوزير البحريني رجال الأعمال في الخليج بجلب العمالة الوافدة من دون النظر للآثار السلبية الكبرى التي تنتج عن هذا التوافد الكبير من قبل ملايين العمالة. وانتقد العلوي لوبي التجار لرفضهم المشروع الذي اقترحه وزراء العمل الخليجيون بتحديد مدة إقامة العمالة غير الماهرة في دول الخليج بست سنوات، وهو المشروع المعروف بـ"3 + 3" أي إعطاء العمالة الوافدة مدة إقامة ثلاث سنوات تجدد لمرة واحدة. لقد قدر الوزير البحريني عدد العمالة الأجنبية في الخليج بـ17 مليون عامل أجنبي، وصلت تحويلاتهم الى 60 مليار دولار عام 2005. وتستحوذ العمالة الوافدة في دولة الإمارات على ثلث هذه التحويلات بنحو 20 مليار دولار. ويرى العلوي أن الطفرة النفطية التي تمر بها دول الخليج حملت الكثير من المشاريع العمرانية الضخمة، لكن رجال الأعمال لم ينظروا إلى المصلحة المستقبلية من هذه المشاريع. وتساءل الوزير: لماذا لم يتم التوجه للتصنيع مثلاً والاستفادة من هذه الطفرة؟ لا أحد يختلف مع الوزير البحريني حول ما طرحه من قضايا خاصة بالعمالة الأجنبية وازدياد الاعتماد عليها طوال الأربعين عاماً الماضية، لكن يبقى السؤال: من المسؤول الأول عن القنبلة حسب وصفه؟ هل هم فعلاً التجار أم الحكومات الخليجية أم المجتمع الخليجي المحافظ؟ المسؤول الأول عن تدفق العمالة في الخليج هو تدفق النفط والتوسع السريع للاقتصاد. إنه لأمر طبيعي جداً أن تستعين دول الخليج بالعمالة العربية والأجنبية في البداية لأنها تريد أن تبني البنية التحتية في بلدانها من شوارع ومدارس ومستشفيات وطرق وغيرها، لكن الأمر غير الطبيعي وغير المقبول هو أن يستمر هذا الاعتماد بعد مرور أكثر من ثلاثين عاماً، وبعد فتح المدارس والجامعات في كل دول الخليج... وهذا يدل دلالة قاطعة على فشل مخرجات التعليم... حيث إن الغالبية من الخريجين لا يصلحون للعمل الحر والمهني والتقني والفني... بل أصبح الجميع يفضل العمل الحكومي وامتيازاته الكبيرة، وقلة العمل فيه. ومع توسع الاقتصاد زاد الاعتماد على العمالة الآسيوية لأنها أكثر كفاءة وإنتاجية وأجورها متواضعة، والأهم من كل ذلك أنها لا تتدخل في السياسة. المشكلة اليوم تتلخص في ازدياد الاعتماد على العمالة الأجنبية والتقاعد المبكر للمواطنين، رغم إعلان دول الخليج عن سياسة التوطين قبل أكثر من عقدين من الزمن. وبتتبع سياسة السعودة والتكويت والبحرنة والتعمين... نكتشف اليوم، وبعد مرور ربع قرن، أن هذه السياسة كانت خاطئة لأنها أدت إلى تكديس المواطنين في القطاع العام غير المنتج بينما تركت القطاعات المنتجة للعمالة الأجنبية. وهل يعقل أن ترفض بعض دول الخليج عمل المرأة، وبعضها الآخر يدعو المرأة للتقاعد المبكر بعد فترة عمل لا تزيد على 15 عاماً، بمعنى أنه يحق للمرأة بالكويت بعد تخرجها وعمرها 22 عاماً، التقاعد وعمرها لا يتعدى 35 عاماً؟! المشكلة الكبرى أن نسبة العمالة المواطنة في القطاعات الإنتاجية (القطاع الخاص) قليلة جداً وتتفاوت النسب من دولة إلى أخرى. وأخيراً ما دام الاقتصاد الريعي في الخليج مستمراً ويعتمد على النفط اعتماداً شبه كلي، فلا يمكن إصلاح الأمور ما دامت الأنظمة تحاول إرضاء شعوبها، والشعوب الخليجية تعودت على الكسل وقلة الإنتاج وكثرة الشكوى، وهذا لا يدفعها للعمل والإنتاج ما دامت العمالة الأجنبية متوفرة ورخيصة. د. شملان يوسف العيسى