إذا ما كان "بيل كلينتون" مضطراً لتطهير تركته كي يحميها فليكن ذلك، وإذا ما كان يريد أن يغمد خنجراً في قلب الأمل، كي يمنح أملاً لهيلاري فليكن ذلك أيضاً.. لأن "آل كلينتون" أو "الوحش ذو الرأسين" حسب الوصف الذي أطلقته "نيويورك بوست" عليهما بعد أن نجحا في انتزاع النصر في "نيوهامشير" و"نيفادا" يذهبان حيث يرغبان، ويفعلان ما يريدان، بصرف النظر عما يؤدي إليه ذلك من ضرر حتى لو طال هذا الضرر حزبهما أو طالهما هما شخصياً. إن الطريقة التي تحول بها بيل كلينتون من رجل دولة مخضرم، وزعيم حزب سياسي، وسفير أميركي متجول ممثل للحزبين، إلى مجرد رجل يسير في ركاب زوجته، وإلى شخص متخصص في الهجاء وتلويث سمعة الآخرين، كانت غاية في السلاسة. فبعد جولة "بيل" الناجحة، التي طاف فيها على كازينوهات القمار في "لاس فيجاس"، سلمته هيلاري "ساوث كارولينا"، وطارت هي إلى كاليفورنيا وغيرها من ولايات ما يعرف بالثلاثاء العظيم. وعلى ما يبدو أن الرئيس السابق قد استطعم لعب دور المرشح مرة ثانية، حيث راح يرتدي ربطة عنق مزركشة، ويطوف بأنحاء الولاية مصطحباً معه ابنته الخرساء "تشلسي". وحاول كلينتون أن ينقل إلى الآخرين انطباع أنهما -هو وزوجته كانا يخوضان سباقاً ضد "الرجل" واشتكى بأسلوبه المميز في الرثاء للنفس من "باراك أوباما" الذي كان يتمتع في رأيه بكافة المزايا. وعندما سُئل عما إذا ما كان سيشعر بالذنب، لأنه يقف في طريق انتخاب أول رئيس أميركي أسود، وهو الرئيس المعروف بتأييده للسود كان رده: "لا.. أنا لا أقف في طريقه، وكل ما هنالك هو أنني أعتقد أن هيلاري ستكون أفضل في منصب الرئيس"، لأنها "جاهزة للاضطلاع بواجبات هذا المنصب من اليوم الأول". وذكّر كلينتون السائل بأنهما -هو وزوجته- قد خاضا الانتخابات التمهيدية في "أيوا" و"نيوهامشير" في وجه ظروف مناوئة، وأنه لا أحد كان يعتقد أن هيلاري يمكن أن تكسب على رغم تفوقها في استطلاعات الرأي. وعن أوباما قال "كلينتون": "أتمنى أن تتاح لي الفرصة للتصويت في صالحه يوماً ما". واليوم الذي يقصده كلينتون سيأتي بالطبع بعد انقضاء السنوات الثماني التي يأمل أن تقضيهما هيلاري في الحكم، حيث جاء دوره هو الآن كي يرد لها الدين. والحقيقة أن بيل الشرير قد دأب مؤخراً على توجيه ملاحظات خشنة، تجاه أوباما، وهو ما دفع الزعيم السابق للأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي "توم داشل" والرئيس المشارك لحملة أوباما إلى رفض "مثل هذا التشويه غير المعقول" الذي يقوم به هذا الوحش السياسي، واصفاً ما يقوم به كلينتون في هذا الشأن بأنه "لا يتماشى مع الصورة التي يجب أن يكون عليها الرئيس السابق". وفي مناظرة "ميرتل بيتش" التي جرت مساء الاثنين عبر أوباما عن حنقه بسبب تناوب بيل وهيلاري في الهجوم عليه، واضطر في النهاية إلى أن يلجأ إلى استخدام الوسائل الهجومية التي كان استراتيجيو حملته قد نصحوه باستخدامها ضد هيلاري لعدة شهور. وعندما حاولت هيلاري وضع ملاحظات أوباما عن ريجان خارج سياقها بحيث تبدو وكأنها ثناء من أوباما على الرئيس "الجمهوري" الراحل، علق أوباما على ذلك ساخراً بقوله إنه قد تعرض لتشويهين بسعر تشويه واحد. ورد أوباما بحدة أيضاً على هيلاري بعد أن بدا واضحاً أنه يشعر وكأنه قد وقع في مصيدة هيلاري وزوجها مما أخرجه عن صوابه وهو ما بدا من قوله: "في بعض الأحيان يختلط عليّ الأمر ولا أعود أعرف ضد من أخوض هذا السباق". وفي محادثة هاتفية جماعية مع الصحفيين لم يتراجع أوباما عن تصريحاته العدائية -والدفاعية في الآن ذاته- حيث قال: "لقد أمضى آل كلينتون الشهور الأخيرة في التهجم عليّ من خلال اتهامات غير دقيقة، وأعتقد أنه كان يتعين عليّ في نقطة معينه أن أرد على تلك الاتهامات، وهو ما حدث". مورين داود كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"