حين طالب صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- بجعل العام الحالي عاماً للهوية الوطنية، فإن سموه أكد أن كل جهة وكل شخص يجب أن يكون مساهماً فاعلاً كل في موقعه، في تعزيز الهوية الوطنية. والحاصل أن هذا التأكيد ينطوي على دعوة إلى ضرورة تكامل جهود جميع المؤسسات والهيئات المعنية في تحقيق الهدف المطلوب، وهو تعزيز الهوية الوطنية، بالنظر إلى أن هذا الهدف يستلزم تضافر جهود الجميع. وإذا كان تعزيز الهوية الوطنية، هو مهمة مؤسسات وقطاعات متعددة، فإن ثمة قطاعات بعينها لها دور أكبر، وفي مقدمة هذه القطاعات قطاع التعليم، الذي يمكنه القيام بدور كبير في مجال تعزيز الهوية الوطنية، حيث إن التعليم معهود إليه تربية النشء وغرس القيم في عقولهم وقلوبهم منذ سنوات أعمارهم الأولى، والتعليم يقوم بدور كبير في مجال دعم القيم وتكريس الثوابت الوطنية. ومن هنا، فإن للتعليم دوره الكبير في مجال تعزيز هويتنا الوطنية وترسيخ ثوابتها ودعائمها الأساسية في عام الهوية الوطنية، وفقاً لما جاء في دعوة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله. ولا شك في أن قيام التعليم بدوره المنشود في مجال تعزيز الهوية الوطنية، يتطلب تنفيذ أولويات عدة أساسية: أولها، التركيز على المناهج الدراسية التي ترسي وتعزز قيم الهوية الوطنية وركائزها في عقول وقلوب الأطفال في المدارس الخاصة والحكومية على حد سواء، حيث يفتقر الكثير من المدارس الخاصة تحديداً إلى ما يعزز قيم الهوية الوطنية، رغم أنها شريك أساسي في العملية التعليمية، وتضطلع بمهمة تعليم آلاف المواطنين والمواطنات. بالإضافة إلى ضرورة تطوير المناهج التعليمية بالاعتماد على أساليب أكثر جذباً للنشء في ما يخص قيم المواطنة والهوية الوطنية، وذلك على النحو الذي يحصّن هذا النشء منذ الصغر ضد مخاطر فقدان الهوية ويغرس في نفوسهم حب الوطن وعاداته وتقاليده، من خلال أدوات وأساليب غير تقليدية تتوافق مع نمط التفكير السائد لدى النشء. ثانيها، ضرورة تبنّي برامج وطنية خاصة بترسيخ الهوية الوطنية، وبناء شخصية وطنية قادرة على الحفاظ على موروث الآباء والأجداد. ثالثها، أولوية عنصر التوطين في المدارس في مراحلها المختلفة، ذلك أن المعلم المواطن هو الأقدر على غرس قيمنا وهويتنا الوطنية في نفوس الطلاب. رابعها، تعزيز وضع (اللغة العربية) التي تمثل جوهر هويتنا، والتركيز على تعليم أبنائنا (اللغة العربية) في المقام الأول، ثم نعلمهم لغات أخرى وليس العكس، ذلك أن (اللغة العربية) تمثل الركيزة الأساسية للهوية الوطنية، وللتأكيد على تمتين وضعها يجب أن يتم ذلك في قطاعات ومؤسسات الدولة كافة، وليس قطاع التعليم فقط. إن دولة الإمارات العربية المتحدة تشهد تحوّلاً اقتصادياً وثقافياً وانفتاحاً على ثقافات خارجية متنوعة، الأمر الذي يزيد من مسؤولية الجهات المعنية كافة بالحفاظ على الهوية الوطنية، لبذل المزيد من الجهود ونشر الوعي الثقافي الخاص بالقيم الأساسية للمجتمع الإماراتي. وقطاع التعليم الذي يعد من أهم هذه الجهات عليه دور كبير في هذا المجال. ولعل ما وفرته الدولة من إمكانيات كبيرة لدعم قطاع التعليم يكسبه فرصاً متعددة للقيام بدوره المنشود في تعزيز الهوية الوطنية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.