استكمالاً لما طرحناه من نقاش في صفحات "وجهات نظر" سابقة سيدور النقاش حول مقولة قديمة طرحها في عام 2000 مدير سابق لإدارة الجنسية والإقامة بإحدى إمارات الدولة: "أعطني خمس سنوات وسأجعل الشارع يتكلم عربي". هل يمكن تحقيق هذا الهدف في حدود تلك الفترة؟ وإذا لم يكن بالإمكان، فهل تعتبر فترة عشر سنوات كافية؟ فإن لم يكن ممكناً، فما هو مستوى الإنجاز خلال فترة 15 سنة؟ عندما نتمنى نحن أهل الإمارات أن نجعل الشارع الإماراتي يتكلم اللغة العربية خلال فترة خمس سنوات، فإننا بلاشك نهدف إلى جعل النسبة الغالبة في التركيبة السكانية تتحدث العربية (من مواطنين + وافدين)، والغالبية بطبيعة الحال تعني أكثر من 50%. ولنفترض هنا أن النسبة 60% تمثل الهدف الذي نسعى إلى تحقيقه في نهاية السنة الخامسة من الفترة التي طلبنا. اختبار مدى واقعية المقولة وهذا الأمل الاستراتيجي حسب المنطق المنهجي باستخدام أسلوب معين في التخطيط يتطلب تحويل المقولة إلى هدف يمثل في الوقت نفسه الهدف الاستراتيجي رقم (1) الذي تسعى إلى تحقيقه دولة الإمارات ربما من خلال اللجنة الجديدة التي شكلها مجلس الوزراء برئاسة الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، وزير الداخلية. نسبة المواطنين + الوافدين العرب أفترض أنها تعادل 25% من جملة السكان في سنة الأساس وباقي النسبة للأجانب أي 75%. أفترض أن التصحيح لا يمكن تحقيقه من خلال النمو السكاني للمواطنين وحدهم، مهما طال الزمن، إذ لابد أن يتحقق بمساعدة نمو الوافدين العرب على افتراض أنهم يمثلون أداة دعم للتركيبة السكانية. ولا نعني بهذا مجرد استقدام العرب إلى داخل الدولة وإضافتهم إلى المواطنين في الحسابات الهيكلية للسكان (أين سنضعهم؟)، وإنما النمو المتوازن للوافدين العرب مع الاحتياجات النوعية والكمية من قوة العمل، ومع إحلال تدريجي مناسب لوظائف المغادرين الأجانب طواعية بحيث لا يؤدي الإحلال المذكور إلى إرباك في متغيرات الاقتصاد الوطني. نفترض هنا أن فئة السكان الأجانب غير متضمنة للوافدين العرب مع الاعتراف بأن قوانين العمل في الدولة لا تقر هذا الفصل في إجراءات ومعاملات تنظيم عمل الوافدين. أ - فترة 5 سنوات: ارتفاع نسبة مساهمة المواطنين + العرب في تركيبة السكان من 25% في سنة الأساس إلى 60% في نهاية السنة الخامسة أي سنة الهدف، فهل يمكن ذلك؟ عند متابعة نتائج العمليات التنفيذية تتحقق لدينا القناعة باستحالة تحقيق ذلك بسبب معدلات النمو العالية جداً التي يتطلبها التغيير المذكور 19.2% للمواطنين + العرب والمعدل السالب 13.4% للسكان الأجانب. ذلك أن أياً من هذين المعدلين يعتبر خرافياً بحسب المقاييس الديمغرافية، فماذا يعني المعدل 19.2%؟ إذا علمنا أن معدل نمو المواطنين بحدود 3% سنوياً فإن صورة الوافدين العرب تكون واضحة جلية لدينا، ولكن هل يصح ذلك في بلد بناه التحتية على أفضل ما يكون؟ طبعاً لا. وفيما يتعلق بالمعدل السالب لنمو الأجانب فإن ذلك غير ممكن، إلا إذا كان هناك فائض في قوة العمل الأجنبية بما يعادل المعدل المذكور، أي أنهم إما في حالة بطالة حقيقية أو مقنَّعة. ب - فترة 10 سنوات: إن معدلات النمو السنوية لا تزال عالية سواء منها الموجبة أو السالبة، إلا أنها أفضل بكثير من مثيلتها في نموذج الخمس سنوات، مما يدل على أن عامل الزمن له مدلول إيجابي في التغيير للنظر هو معدل النمو السالب للأجانب، إذ بينما يبلغ أقل من نصف معدل نمو المواطنين + العرب خلال الفترة الأولى من الخطة العشرية طبعاً مع اختلاف الإشارة + -أو نجد المعدلين يقتربان من بعضهما بعضاً وبتفوق نسبي طفيف للمعدل السالب بسبب تقارب التغيير في المسارين (الانخفاض والارتفاع). ج – أما عن فترة 15 سنة: ويتلخص المسار التنفيذي لهذا البديل في زيادة نسبة المواطنين + العرب من 25% في سنة الأساس إلى 33% في نهاية السنة الخامسة و41.5% في نهاية السنة العاشرة، وإلى نصف الحجم الكلي للسكان في نهاية السنة الخامسة عشرة. كلمة أخيرة لابد من ذكرها إذ ربما يعترض أحدهم حول فرضية الغالبية 60%، وجوابنا يمكن اختصاره في أنه ما دمنا نريد أن تكون اللغة العربية هي الغالبية في الشارع فإن ذلك يعني أن السكان العرب سيمثلون الأغلبية في تركيبة السكان وهذا هو هدفنا في النهاية. ونحن على استعداد لشرح استراتيجيتنا عملياً إذا اتفقنا... عليها. د. موزة غباش