دوريات
The Middle East Quarterly
جيل جديد من الإرهابيين
قضايا الشرق الأوسط عادة ما تكون المحور الرئيس لدورية Middle East Quarterly التي تصدر كل ثلاثة شهور عن "منتدى الشرق الأوسط" في فلادليفيا بولاية بنسلفانيا، والمنتدى مؤسسة غير حزبية تأسست عام 1990 لتعزيز المصالح الأميركية في الشرق الأوسط. وتحت عنوان "قادة الجهاد الجدد"، كتب دافيد جارنشتين"، وهو زميل رئيسي في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" و"كايل دابروزي"، المتخصص في شؤون الإرهاب بمؤسسة "جارنشتين روس جروب"، مقالاً أشارا خلاله إلى أن مقتل بعض قيادات تنظيم "القاعدة" كأبي مصعب الزرقاوي في العراق، وأبي حفص الأردني في داغستان، ومقتل وأسر عناصر أخرى في التنظيم، عجل بظهور جيل جديد من "القادة الجهاديين". وحسب المقال، ظهرت قيادات إرهابية جديدة في الصومال والعراق وباكستان وإندونيسيا، وهي قيادات استفادت من أخطاء قيادات إرهابية سابقة، مما جعلها أكثر خطورة، وتأثيراً على مسار الحرب العالمية الراهنة على الإرهاب. هذه القيادات تمثل مجتمعات متباينة، لكنها تنتهج وتوظف استراتيجيات متشابهة من بينها؛ أولاً: أنها أكثر إدراكاً لصورتها على الصعيد الدولي مقارنة بقيادة إرهابية سابقة، فهؤلاء الإرهابيون عندما يشنون هجمات لبث الرعب في صفوف ما يعتبرونهم أعداء، يسعون في الوقت ذاته لإبداء مسؤوليتهم تجاه مجتمعاتهم وتجاه العالم الإسلامي إجمالاً.
ثانياً: القادة "الجهاديون الجدد" يضعون في اعتبارهم المجتمع المدني. ثالثاً: أنهم يستخدمون تقنيات اتصال متطورة لتحسين القدرة على التواصل وبناء تحالفات جديدة.
وتحت عنوان "هل العراق في حرب أهلية؟" كتب"ديفيد باتين" مقالاً توصل خلاله إلى استنتاج مفاده أن كثيراً من الساسة الأميركيين ينظرون إلى ما يجري في العراق على أنه حرب أهلية. وضمن هذا الإطار، فإن "جون مورثا" أحد أعضاء مجلس النواب الأميركي قال "إن الولايات المتحدة لا تخوض حرباً على الإرهاب داخل العراق، بل حرباً أهلية". الكاتب، وهو عسكري أميركي خدم ضمن الفرقة الثالثة للمشاة في بغداد، يرى أن لا جدال حول ما يجري في العراق، سواء ما يتعلق بالمتمردين والميليشيات والإرهابيين وفرق الموت وقتل المدنيين بمعدلات مخيفة، وعدم وجود قوات أمن يُعتمد عليها في البلاد، ووجود حكومة لا تلبي احتياجات الشعب، فالعراق يمر بحالة أسوأ مما توقعه صناع القرار الأميركيون. ولكن ذلك لا يعني هذا أن العراق يمر بمرحلة الحرب الأهلية، فعلى الرغم من أن الحكومة ضعيفة، فإنه لا توجد قوة سياسية عراقية تشكل تهديداً خطيراً لها، صحيح أن بلاد الرافدين تمر بمرحلة غير مستقرة، لكن خطر تغيير النظام، كهدف نهائي للحرب الأهلية، لا يزال ضئيلاً.
"المستقبل العربي": الفضاء المعلوماتي والبدايات الممكنة
"تحسين العلاقات الأميركية السورية: بعض البدايات الممكنة"، ذلك هو العنوان الذي حملته دراسة تضمنها العدد الأخير من مجلة "المستقبل العربي"، وقد كتبها "أنتوني كوردسمان" الأستاذ بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، كخلاصة لزيارة قام بها في الآونة الأخيرة إلى دمشق، برفقة اثنين من أساتذة المركز. يوضح الكاتب أن ثمة مشاكل جدية في العلاقات السورية-الأميركية، بسبب سياسات دمشق تجاه لبنان و"حزب الله" وإيران، لكن في الوقت نفسه ثمة عدد من مجالات توجد فيها للولايات المتحدة وسوريا مصالح مشتركة، ويمكن إحراز تقدم فيها دون إحراز تقدم مباشر في علاقاتهما السياسية. ومن "البدايات الممكنة" التي يقترحها الكاتب، إهمال التوصل إلى اختراقات رسمية والتركيز على الخطوات العملية، أي استكشاف المجالات التي يمكن فيها للبلدين أن يعملا على التوازي دون أن يقدم أحدهما تنازلات للآخر. كما أنه يمكن التركيز على التنمية الاقتصادية العلمانية، وذلك لكي تواصل سوريا عملية الإصلاح والتحديث الاقتصادي، بغرض كبح التطرف الإسلامي عبر رفع مستويات المعيشة ومكافحة البطالة والركود. كما يشكل التعاون في مكافحة الإرهاب، مثالا آخر للمصالح المشتركة بيم الجانبين.
وفي دراسة أخرى ضمن العدد نفسه، نطالع ما كتبه حسن مظفر الرزّو عن "المواجهة غير المعلنة بين حزب الله وإسرائيل في الفضاء المعلوماتي"، حيث يبين أن تلك المواجهة لا ترقى إلى مستوى الحرب النظامية على الأرض، كما أن أدواتها الرقمية محصورة في نطاق التأثير على مواقع الإنترنت. لكن يبدو أن "حزب الله" وضع أسساً لبناء ترسانته المعلوماتية، واستطاع خلال حرب صيف 2006، أن يحقق تأثيراً ملموساً على مواقع الدولة العبرية، وأن يخترق منظومات الاتصالات العسكرية، وإن لم يحسم نتيجة المواجهة لصالحه، لذلك كانت المواجهة بينهما مجالاً دائماً لم تمل كفته كلياً باتجاه أي من الفريقين.
وأخيراً، نطالع في دراسة مطولة لمحمد المزوغي تجليات "العلقل والتاريخ" في "إسلاميات محمد أركون"، حيث يعود المزوغي إلى منابع المشاريع الفكرية التي يطرحها أركون للتعاطي مع الذات والعقل و"الديني" و"المقدس"... لكن كما توضح الدراسة، فإن أركون استمد كل أطروحاته ومناهجه، وحتى مصطلحاته، من المفكرين الفرنسيين واستثمرها في تأويله للتراث الإسلامي. ويعتبر المزوغي أن أركون وقع في عدمية عقلية، لكن "لو أن عدميته اقتصرت على الجانب المعرفي فقط لما أوليناها أهمية كبرى، لأنها من التهافت والهشاشة بحيث يمكن نقضها جملة وتفصيلاً، لكن معاداته للعقل والتنوير... أدت به في نهاية المطاف إلى معاداة الإنسانية، ومناهضة الديمقراطية"!