استجابة جيدة للأحداث
القرار الوزاري الذي صدر بشأن حظر استيراد أنواع الحيوانات ومنتجاتها كافة من المملكة المتحدة عقب ظهور حالات إصابة بمرض الحمى القلاعية في إحدى المزارع البريطانية، يعكس سرعة استجابة جيدة من الجهات المعنية في الدولة وتجاوبها مع الأحداث.
ورغم أن السلطات الصحية البريطانية ذاتها قد أخذت المبادرة وبادرت إلى تعليق أذونات تصدير اللحوم على الخارج، فإنه يبقى للقرار الإماراتي أهميته وقيمته، سواء من حيث توفير أقصى حماية ووقاية قصوى خشية انتقال أي عدوى إلى البلاد أو من حيث الإدراك العاجل للحدث وخطورته على الثروة الحيوانية.
وإذا كانت المسألة تتعلّق بالحماية الصحية، فإن الذاكرة تستدعي حدثاً آخر أثير جدل دولي بشأنه خلال الآونة الأخيرة، وهو الشكوك الصحية التي تحيط بسلامة الأغذية المستوردة من بعض الدول، حيث ذكرت السلطات الصحية الأميركية، مؤخراً، أن بروتين قمح ملوث بالملامين تمّ استيراده من الصين، كانت له صلة مباشرة بحالات وفاة للقطط والكلاب، وقالت أيضاً إن بعض أنواع معاجين الأسنان وإطارات السيارات والأطعمة البحرية غير آمنة، وصدرت من الجانب المقابل -الصيني- اتهامات صحية بحق أغذية أميركية المنشأ، ما دفع الطرفين إلى مناقشة المسألة وتوقيع اتفاق رقابة غذائية مشترك للتحقّق من أمن الغذاء وسلامته وتطبيق معايير الجودة على صادرات الأغذية من الجانبين.
بعضهم يتعامل مع هذه الاتهامات باعتبارها تندرج ضمن الحروب التجارية بين الشركات والقوى الاقتصادية الكبرى، خصوصاً أن تحذيرات عدّة صدرت في الصين أيضاً تحذّر من بعض الأغذية المستوردة التي لم تنجح في تجاوز الاختبارات العشوائية التي تجرى لمعايير الجودة، وأن بعض هذه السلع الغذائية آتياً من دول معروفة عالمياً بتقاليدها الصارمة في تطبيق معايير الأمان والجودة، وأن بعضها ذو علامات تجارية شهيرة.
بالطبع هناك جانب من هذا الجدل المتبادل يتعلّق بالتنافس والصراع التجاري، ومحاولات زعزعة الثقة في منتجات دول بعينها بغية الحدّ من سيطرتها على أسواق دول أخرى، ولكن ذلك لا يخفي أن هناك جودة غائبة في كثير من الأحيان، وأنه من الضروري الانتباه إلى الأغذية المستوردة من العديد من الدول لاسيّما أن هناك وقائع محدّدة وفضائح غذائية معروفة حدثت في الآونة الأخيرة وثبتت صحتها وأن السلطات الصحية في دول مثل الصين اعترفت ضمناً بوجود قصور في أنظمة مراقبة السلامة الغذائية وأجرت السلطات الصحية هناك بالفعل تحقيقات في مايو الماضي بعد استخدام فتات الملامين، وهو مركب كيماوي يرفع مستوى البروتين في الطعام بشكل غير طبيعي في أطعمة الحيوانات ما أدى إلى نفوق حيوانات في الولايات المتحدة.
الشكوك المحيطة بسلامة الأغذية لا تتعلق بدولة دون الأخرى ولا ترتبط بدولة معيّنة، فهناك دول يتفشّى فيها استخدام المبيدات الحشرية المحظورة دولياً في الزراعة ما أدى إلى انتشار الأمراض في تلك الدول بشكل ملحوظ، وهناك دول أخرى تصدّر الأغذية المعدّلة وراثياً بكل ما يحيط بها من جدل علمي ما بين مؤيّد ومعارض لاستخدامها ومؤكّد ونافٍ لأخطارها الصحية على صحة الإنسان، وهناك دول أخرى تستخدم مواد ضارة بالصحة العامة في صناعة ألعاب الأطفال وغير ذلك.
الرقابة الصحية والغذائية المطلقة ربما تبدو مطلباً صعباً، لكن دولة الإمارات أنشأت في السنوات الأخيرة أجهزة رقابة غذائية تعمل بمعايير متقدّمة وتمتلك من الإمكانيات ما يؤهّلها لتوفير قدر عالٍ من الآمان الصحي، والذي يأمل الجميع في أن يتنبه إلى هذه الأخطار كافة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.