البعض يعتقد أن العنف ضد النساء تميز به أهل الشرق, بينما حقيقة الأمر أن الغرب والشرق يشتركان في هذه الظاهرة. الرجل في الثقافة الشرقية يحتل مرتبة عالية, والمرأة الصالحة هي التي تلبي طلبات الرجل. ففي الثقافة الكونفوشيوسية على سبيل المثال يقولون إن "الغوغاء والنساء جهلة, تحركهم الغرائز الفاسدة, وتصعب تربيتهم". النساء لا يحق لهن أن يرثن, ويعاملن كمخلوقات وجدن فقط لإسعاد الرجل. والحال نفسه في الثقافة العربية التي حصرت المرأة في دور المتاع، وقد جاء الإسلام ليرفع من شأنها، ورغم ذلك, حافظت كثير من التقاليد المناهضة لحقوق المرأة على وضعها. وتشير الأرقام إلى أن حوادث الاعتداء والقتل والاستغلال آخذة في التصاعد في المجتمعات الغربية, وقد ذكرت مجلة "الكوزموبوليتن" أن بريطانيا تشهد حالات العنف الأسري كل 6 ثوان، وتشكل جرائم العنف الأسري ما يقارب 25% من جرائم العنف عموماً. والملفت للانتباه أن العنف لا يمارس فقط في الطبقات الفقيرة أو الفئات غير المتعلمة, فحتى الأغنياء والمتعلمون هم أيضاً يمارسون العنف ضد المرأة. وليس بالضرورة أن يتمثل العنف بالاعتداء الجسدي, فهناك العنف اللفظي والعنف النفسي الذي يسبب أذى لا يقل عن العنف الجسدي. فالرجل الذي لا يمنح زوجته الاحترام الكافي أو لا يبالي بمسؤوليته تجاه الأبناء والبيت، هو يمارس العنف النفسي مما يسبب للزوجة مشاعر الحزن والكآبة أحياناً كثيرةً. العنف يعبر عن حالة ضجر وضيق الرجل تجاه زوجته, فهو لا ينظر لها باعتبارها شريكه المكافئ, وأحياناً كثيرة, ونتيجة لاعتقادات خاطئة، يقيس الرضا النفسي للزوجة بمقاييس مادية بحتة, بمعنى طالما الزوج يوفر الاحتياجات المادية, فالأوضاع يجب أن تستقر وبصرف النظر عن الاحتياجات العاطفية للزوجة. تقول سيدة: "تزوجت وأنا في بداية حياتي الجامعية ولم أكن أتعدى العشرين من عمري, تزوجت بعد قصة حب, وكنت أعتقد أن مشاعر الدفء تتجدد إلى أن اكتشفت رتابة الحياة الزوجية. فزوجي لا يفكر في احتياجاتي النفسية, ولا يرى السعادة الزوجية إلا من خلال توفير الاحتياجات المادية, كثير السفر, وحتى إن تواجد معنا فهو كثير الخروج. عندما أقول له إنني بحاجة لمشاعرك وبحاجة لوجودك في حياتي, ينظر إلي قائلاً إنه يقوم بكل واجباته الأسرية ولا ينقصني شيء...". تقول الزوجة" "ابتلع الألم والمعاناة وأتساءل: كيف يتحول ذلك الحب إلى نفور, ولماذا لم يعد يبالي لاحتياجاتي؟ تقول زوجة طبيبة ارتبطت به بعد علاقة حب: "كنت لا أبالي لوظيفته طالما الحب بيننا. كان موظفاً بسيطاً إلا أن ذلك لا يعني لي شيئاً, ولا يقلل من قيمته أمامي, ولكن يبدو أن الحال كان مختلفاً معه... فهو لم يستطع أن يهضم طبيعة عملي، بل يحقرني ويوجه إلي الإهانات أللفضية، ووصل به الأمر إلى الاعتداء الجسدي, تحولت حياتي إلى جحيم, لم أعد قادرة على ممارسة مهنتي التي أحببتها من شدة الضغوط, وما كان أمامي إلا طلب الطلاق". تلجأ كثير من الدول إلى الخط الساخن للتبليغ عن حوادث العنف الأسري, وهي وسيلة ناجحة في الحد من انتشار جرائم العنف, إلا أنه في الثقافة العربية، لا ينبغي للمرأة أن تعرض سمعتها لـ"الفضيحة", فهي كثيراً ما تحتفظ بمشاكلها ولا تريد أن تكشف عن عيوب الزوج أو إخفاقاتها الأسرية، مما يضاعف حالة الإحباط النفسي ويسبب كثيراً من الأذى للنساء. العنف بين الزوجين يباعد المشاعر, ويحول المرأة إلى جسد فاقد للحياة.