"شؤون الأوسط": تركيا والاستراتيجية الأميركية
في المقال الافتتاحي للعدد الأخيرة من مجلة "شؤون الأوسط"، يحلل رئيس تحريرها ملامح "الاستراتيجية الأميركية في المنطقة بين التمويه والحقيقة"، مشيراً إلى قول عدد من كبار مسؤولي الإدارة الأميركية أن بلادهم ارتكبت "آلاف" الأخطاء في العراق، فيما "تفخر" وزيرة الخارجية الأميركية بتحقيق الهدف الاستراتيجي من الحرب على العراق، ألا وهو إسقاط صدام حسين، ويعتبر بوش أن عصراً جديداً من تاريخ المنطقة قد بدأ مع إجراء أول انتخابات "ديمقراطية" في العراق! ومن استعراضه لعدد من الحقائق والمؤشرات، يخلص الكاتب إلى أن الهدف الأساسي لغزو العراق واحتلاله، يتمثل في إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط بطريقة تضمن أمن إسرائيل ومصالحها لعقود قادمة، وذلك عبر تدمير ما تبقى من قدرات عربية، وتفتيت المنطقة والانتقال بها إلى نموذج "الدولة-المذهب أو الطائفة".
وفي ملف عنوانه "تركيا: علاقات إقليمية" نطالع دراسة لمصطفى أغيللي عن "اتفاقية الكويز وتكامل الاقتصاد الإسرائيلي"، يوضح فيها أن الكويز هي مناطق تجارية تأتي نتاجاً لتطبيقات قانون اتفاقية التجارة الحرة الأميركية-الإسرائيلية، وقد أصبحت تمثل مناطق تجارية تدار وفقاً لقوانين وقواعد أميركية، كما أصبحت تلك المناطق مدخلاً لتوفير مصالح تجارية لحلفاء أميركا في منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسهم إسرائيل، ومن ثم فهي موجهة نحو أهداف سياسية، كما حدث حين استخدمتها الإدارة الأميركية كورقة للضغط على تركيا بعد أن رفض برلمانها المشاركة في الحرب على العراق. وكان الرئيس الأسبق بيل كلينتون قد اقترح في أغسطس 1999 ضم تركيا لاتفاقية الكويز، ثم اتفق الجانبان في فبراير 2002 على بناء مناطق تابعة للكويز في تركيا، بعد أن وافق البرلمان التركي في يناير من العام نفسه على إنشاء تلك المناطق، وذلك بعد أن أعطت المؤسسة العسكرية التركية تعليماتها ببذل كل جهد ممكن من أجل ذلك الهدف. إلا أن تلك المناطق لم تنشأ حتى الآن بسبب اختلاف أنقرة وواشنطن، حول نوع وشكل القطاعات الصناعية التي ستدخل ضمن الكويز، وأين ستقام تلك المناطق في أراضي تركيا.
وتقدم رواء الطويل تحليلاً اقتصادياً لـ"العلاقات التجارية التركية-الخليجية بين عامي 1980 و1998"، ترى فيه أن التوجه التركي نحو دول الخليج العربي يمثل علاجاً وافياً للأزمات الاقتصادية التي اعتاد عليها الاقتصاد التركي لفترة طويلة، وأن انفتاح تركيا على الدول الخليجية، "جاء لدوافع اقتصادية نظراً لأن تلك الدول تمثل سوقاً استهلاكية من الدرجة الأولى". وقد شهدت التبادلات الاقتصادية بين الجانبين تطوراً كبيراً في ثمانينيات القرن الماضي، إذ بلغت نسبة الاستثمارات العربية في تركيا 11.7% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية فيها.