تكمن الإشكالية الحقيقية في أثر التغير الاجتماعي على المرأة وهو ما يمثل الفارق الكبير بين المرأة الغربية وما وصلت إليه لقرون من الكفاح المضني مقابل ما كانت تتمتع به المرأة المسلمة أو العربية من حقوق قد فاقت في لحظة من لحظات التاريخ ما تنعم به المرأة الغربية اليوم في بعض جوانب قضاياها المتشعبة، مع الأخذ في الاعتبار أن المرأة الغربية لازالت تناضل من أجل الحصول على مزيد من الحقوق التي ترى أنها مقصورة على الرجال وفق نظرة أحادية.
لكي نبتعد عن الأحكام العامة التي تسلط الضوء، خاصة في الأدبيات النسوية، على دور الذكورة في قمع الأنوثة، وإن كنا لا نتفق حول هذا الطرح في الكتابات التي تتعامل مع الأدب على أساس من التمييز العنصري بين الرجل والمرأة، فهذه من المطبات التي أوقعت المرأة نفسها فيها وهي تطالب ببعض حقوقها المغتصبة من قبل السلطة الذكورية حسب رأيها.
وننقل هذا التعبير عن إحدى الناشطات من النساء اللاتي يطالبن بـ"تصميم النساء ومساعيهن الهائلة للهروب من سجن الأنوثة والأدوار الجنسية التي حددها وقام على حمايتها حماة الشريعة، عن النظام الإسلامي لم يفتح البوابات لكن النساء هن اللاتي يقفزن فوق الأسوار". في هذا الخطاب النسوي تقع الإشكالية في التعامل مع الصراع الذي يراد له الاحتدام بين المعادلة الصحيحة التي يجب أن تحكم سلطة الذكورة مقابل إنشاء البديل بسلطة للأنوثة الهاربة من ذاتها والمصطدمة بالسلطة السابقة، وهو ما لا يمكن تحقيقه في الواقع.
فالمعادلة الاجتماعية التي تحكم سير المجتمعات لا تتطابق مع مجريات الأحداث الأخرى سواء كانت اقتصادية أم سياسية فالتغير الاجتماعي يتعلق بالمضمون أكثر من الظاهر، فلو أخذنا الظاهر أو الشكل كمقياس فإن بعض الدراسات أظهرت أن المرأة الغربية (في بريطانيا) قد استبدلت الثوب الطويل الساتر بالثوب القصير. أخذ هذا التغير من عمر المرأة الغربية 100 عام، إلا أن ذات الوضع حدث في بعض أجزاء الوطن العربي في غضون ثلاثة عقود، فاختصار السبعين عاماً كان شكلياً ولم يحتج لكثير من العناء، إلا أن المرأة الغربية عندما تغير شكلها المعهود سابقا قد استطاعت أن تغير في طريقها أموراً كثيرة ومن أهمها أنها حررت فكرها من القيود الأخرى وهي ما لم تتوصل إليه المرأة العربية كي تتمكن من الحصول على الحقوق التي تطالب بها.
المرأة في الدول الديمقراطية لم تتحرر من أنوثتها على حساب نيل حقوقها فإن آلات الموضة تقذف سنوياً ألوف الوسائل التي تغري المرأة في اقتنائها قبل أن تثير الرجل في البحث عن كل جديد للتعلق بأنوثة المرأة قبل عقلها المتحرر من القيود التي فرضت عليها بأسماء العادات والتقاليد وبعض مؤثرات الدين الباقية لدى المجتمعات المحافظة في الغرب العلماني.
أما التغير الاجتماعي في جانبه النسوي فهو عصي على التغيير لأن تغيير المفاهيم المنحوتة في العقل الباطن للأنثى ومعها الذكر في مجتمعاتنا تتقدم رجلٌ وتتأخر أرجل وتتدحرج المشاريع التنويرية تحت أقدام أصحاب المبررات التي لها مصلحة في عدم الحراك الاجتماعي نحو إعطاء المرأة دورها الحقيقي في هذا التغيير وليس فقط بالحصول على وظيفة وزير أو رئيس حكومة، لأن هذا قد تم بالفعل لجنس الأنثى في العالم من حولنا فقد بلغت هذا الهدف (12) امرأة برتبة رئيس حكومة. مع ذلك المرأة بوجه عام تعاني من ظلم سلم الرواتب الخاص بها، ولم تستطع النساء في السلطة تغيير هذا الوضع.