لن يكون دخول المرأة الإماراتية في المجلس الوطني الاتحادي القادم مفاجأة بالنسبة لنا في الإمارات فهذا هو ما يتوقعه أغلبنا، بل إن دخولها الحياة البرلمانية لن يكون سوى استكمالاً لدور متنام للمرأة في شتى المجالات. وإن صحت بعض التوقعات القائلة بأن المرأة ستشارك بنسبة ضئيلة أو أنها ستكون غائبة في القوائم الانتخابية المقبلة لبعض الإمارات السبع، فإن ذلك سيمثل بلاشك أبرز نواقص التجربة السياسية الوليدة وثغراتها لأن المشاركة السياسية للمرأة باتت موضع اتفاق مجتمعي لا جدال فيه.
هناك شرائح من المثقفين الإماراتيين ذوو حضور اجتماعي وسياسي يخشون من عدم تواجد المرأة في الانتخابات القادمة بالحجم المتوقع، الذي تتفاوت التقديرات بشأنه، ولكن الخوف أن تؤدي أية تخوفات إلى إزاحة كلية للمرأة من التمثيل. ويستشهد أصحاب هذه المخاوف بتجارب بعض دول مجلس التعاون ويتخذون منها معياراً لتجربتنا السياسية الجديدة، ويرون أن تهميش دور المرأة في بعض التجارب الخليجية قد تم تبريره انطلاقاً من اعتبارات تستند إلى رفض المجتمع أو تحفظه. ويسترسل البعض الآخر في تخوفاته وهواجسه الناتجة عن احتمالات خلو قوائم بعض إمارات الدولة من العنصر النسائي برغم أن المطروح على الصعيد الرسمي الاتحادي لا ينبئ بشيء من ذلك!!.
من الضروري أن نخوض التجربة السياسية بكافة المقومات والعوامل والأسباب الكاشفة للإيجابيات والسلبيات؛ بحيث نضع جميع المتغيرات تحت الضوء وندخل مختبر العمل السياسي بكل شرائحنا وقطاعاتنا، نساء ورجالاً؛ حتى نعرف الإيجابيات من السلبيات، وإلا تحول الأمر بالنسبة لنا إلى تجربة ناقصة أو غير مكتملة وبالتالي سيكون مطلوباً منا أن نعيد تلك التجربة مرة واثنتين وربما ثلاث مرات لكي نصل إلى معرفة حقيقة النتائج التي نريدها. إن دولة الإمارات لا تعاني أصلاً من مشكلة حضور المرأة اجتماعياً وسياسياً فهي موجودة بالفعل وحاضرة في كل الأنشطة وبالتالي فإن معيار نجاح تلك التجربة لن يكون مرتبطا في رأيي بحضور العنصر النسائي... بل بكم وقدر هذا الحضور، الذي يعتبر انعكاساً فعلياً للواقع لأن الجميع -من داخل الدولة وخارجها- سيتابع حضور المرأة في المجلس القادم.
سيكون تضمين القوائم الإماراتية لعناصر نسائية مقياساً أو مؤشراً محلياً على انعكاس هذه الإمارة أو تلك وحجم التحفظات الاجتماعية على دور المرأة وغير ذلك، وبالتالي تبقى مصالح الجميع في الحرص على الزج بالمرأة في الحياة السياسية والتنافس في ذلك لمصلحة الدولة الاتحادية.
وإذا كان السماح بقيادة المرأة للسيارات اختباراً حقيقياً في مجال الإصلاح الاجتماعي والسياسي في بعض الدول الشقيقة، فإن الاختبار الحقيقي بالنسبة لنا في دولة الإمارات هو نسبة مشاركة العنصر النسائي في المجلس الوطني القادم. وإذا افترضنا أن هناك أصواتاً تعتبر أو وجود المرأة خلال المجلس المقبل لا زال مبكراً، فإن وجود المرأة في مختلف مواقع العمل من قمة الهرم الوظيفي حتى أدناه.. يؤكد قصور النظرة في وجهة النظر هذه.
الانتخابات المقبلة هي فرصة لأن تولد التجربة مكتملة النضج تتوافر لها عناصر النمو بدلاً من أن تبدأ دورة نموها ناقصة تعاني اختلالات. إن هذه المرحلة هي مرحلة تأسيس وتحتاج إلى توسيع قاعدة الحوار والنقاش لجميع فئات المجتمع وقواه لتشكيل رؤية متكاملة لملامح المشاركة الانتخابية الكاملة في المستقبل. كما أن الكثيرين ينتظرون أن تحقق التجربة الإماراتية سبقاً خليجياً في العمل البرلماني رغم أن هناك دولاً سبقت الإمارات في المجال البرلماني وذلك انطلاقاً من مؤشرات تعطي لدولة الإمارات تميزاً في مقابل دول الخليج الأخرى.
ولذا أقولها، من غير المنطقي أن تتغيب المرأة عن أي قائمة من قوائم الإمارات السبع التي ينتظر أن ترفع إلى وزارة شؤون الرئاسة في نهاية هذا الشهر.