ما يحدث على الساحة اللبنانية يستحق وقفة تأمل ومراجعة، يتطلب تحركاً جاداً وعاجلاً لنزع فتيل الأزمات المتتالية والمتلاحقة، يستدعي مشاركة جماعية من كل القوى السياسية في مسؤولية حماية البلد الشقيق من محبيه بإفراط والمتربصين به بدهاء·
ما يحدث في لبنان يقود إلى مزيد من الاحتقان، يفجر مخاوف مشروعة من صدامات قد تستدعي من الذاكرة مخزونا مؤلما، ما يحدث في لبنان الذي ظل عبر تاريخه منبعا للأمل ونبعا لا ينضب للعطاء الوطني القومي الذي يتجاوز حدوده الجغرافية إلى امتداداته العربية، ما يحدث في بلد الأرز والسلام، منذ اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، يقود إلى تصعيد يعتمد على التضخيم الشديد لنقاط الاختلاف والتجاهل الذي ربما لا يكون متعمدا ولكنه بالتأكيد مؤثر، لنقاط الاتفاق·· يقود إلى تقسيم يفتقر إلى المنطق للقوى السياسية إلى مع وضد، مؤيدين ورافضين، معارضة وموالاة، مع تبني مواقف متشددة لا تتيح فرصا للحوار ولا تمهد الطريق أمام تفاهمات جادة تنهي كل هذا التوتر·
أحدث تفاصيل المشهد السياسي في لبنان، تصاعد التأييد والرفض بنفس القدر من الحدة لإنهاء ولاية الرئيس اللبناني فيما يمهد لأزمة سياسية حادة يصعب التنبؤ بتداعياتها ونتائجها· المؤيدون لإنهاء حددوا يوم 14 مارس المقبل لتنفيذ ذلك والمعارضون حذروا من خروج الأمور عن السيطرة خصوصا عندما يتحول التلويح باللجوء إلى التظاهرات إلى واقع وهو ما يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة·
كل الحسابات القانونية والدستورية والسياسية تقود إلى حقيقة واحدة هي استحالة إنهاء ولاية الرئيس اللبناني بغير إجماع، والذين يطالبون بذلك هم أول من يعلم هذه الحقيقة والتهديد باللجوء إلى الشارع يعني مجازفة شديدة الخطورة قد تقود إلى فوضى عارمة·· فهل تنتبه جميع القوى السياسية إلى ذلك؟·· وهل تتوقف المواجهات الكلامية التي لا تخلو من حدة والتي تصل بلهجة الخطاب السياسي إلى مرحلة توجيه الاتهامات التي تنتقص من الولاء وتشكك في الانتماء للوطن، ليبدأ التحاور الهادئ من أجل استقرار لبنان وسلامته؟·· الإجابة عن هذه التساؤلات سوف تحدد ملامح المستقبل في البلد الشقيق·