ما الذي يجمع بين إيران وإسرائيل غير الطموحات النووية واحتلال أراضي الغير؟!
··· إنه احتراف سياسات المماطلة والمناورة وإنهاك الخصوم والتقدم خطوة ثم التأخر خطوتين أو العكس ثم اللف والدوران، مرة لليمين ومرة للشمال ·· وهكذا الى ما لا نهاية·
هذا هو على الأرجح ما يجمع أيضا بين البلدين· فإسرائيل مارست ذلك مع الفلسطينيين بصورة لا يمكن تخيلها منذ بدء عملية السلام وحتى هذه اللحظة، لدرجة انه بعد نحو 13 عاما من اوسلو تبدو القضية الفلسطينية محلك سر رغم كل المفاوضات والوساطات·
لماذا ؟! لأن اسرائيل لم تتوقف لحظة واحدة عن اللعب والتلاعب بالفلسطينيين عبر شروط لا تتوقف ووعود لا تتحقق واتفاقيات لا تنفذ رغم كل الضغوط الدولية والتحديات الاقليمية التي تحتم التوصل الى نهاية عادلة دائمة للمشكلة الفلسطينية·
إيران أيضا تمارس التلاعب نفسه مع المجتمع الدولي فيما يتعلق بالأزمة النووية الناشبة· والسيناريو يكاد يكون مقتبسا بحذافيره من سيناريو عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين·
والنتيجة واحدة طبعا في الحالتين، فكما انه لم يتمخض الجبل عن شيء يستحق في القضية الفلسطينية، أيضا لم تسفر المناورات الايرانية -حتى الان على الأقل - عما يمكن التعويل عليه أو الثقة فيه· إلا أن الأمر جد خطير·· ولا مفر أمام ايران من التعاون الكامل مع المجتمع الدولي بما يعني ضرورة التوقف عن المناورات غير المجدية التي تميز حتى الآن مختلف مواقف طهران من الأزمة· فالعالم كله يتابع الموقف بقلق بالغ حيث تتعقد الأزمة وتتشابك في اطار وضع اقليمي هو نفسه بالغ التعقد والخطورة· وكل الاحتمالات غير تسوية الأزمة سلميا ستعني كارثة جديدة لمنطقة لديها حتى الآن ما يزيد على حاجتها من الكوارث·
ومن ثم فإن الأمر لا يتعلق بايران وحدها أو ببرنامجها النووي أيا ما كانت طبيعته، بل هو يخص أيضاً كل تلك الدول الآمنة في الجوار الجغرافي·
هذه الدول التي تحاول بأقصى طاقتها توفير سبل الحياة الكريمة لمواطنيها ومواصلة سياسات تنموية ناجحة وفق خطط طويلة المدى جار العمل فيها منذ سنين·
هذه الدول يتعين أن يتاح لها ولشعوبها الاستمرار في العيش الآمن المستقر بعيدا عن أي أجواء توتر أو قلق قد تتصاعد في المنطقة نتيجة تعنت ايران وتلاعبها·
يعني ذلك بالضرورة أن على طهران أن تعي أنها لا تعيش وحدها في المنطقة وأنه عليها وعلى مختلف الأطراف أن تراعي مصالح الدول الاخرى في منطقة الخليج التي من حقها أن تواصل جهود التشييد والبناء للملايين من أبنائها·