هناك صعود ملحوظ للحركات الدينية ليس في العالمين العربي والإسلامي فقط وإنما في مناطق أخرى من العالم كالولايات المتحدة· ويعتقد البعض أن الدين قد عاد بقوة بعد انهيار الإيديولوجيات الكبرى كالشيوعية، ولكن الحقيقة أن الدين كان موجوداً على الدوام، ولم يختف· كان الدين كامناً فقط بفعل عوامل وظروف معينة وقد عاد إلى الظهور بفعل عوامل معينة أيضاً· فالمد الديني الملحوظ حالياً يرجع في الأساس إلى ردة فعل على القيم التي تحاول الرأسمالية المتوحشة والعولمة ترويجها وتعميمها على الشعوب، ومنها أن القيمة الأهم في هذا العالم هي للمال، وأنه لا مرجعية للإنسان سوى نفسه، وأن الإنسان يجب أن يكون هدفه هو الاستهلاك وإرضاء حاجاته المختلفة بصرف النظر عن أي اعتبار آخر، وأن القيم الأخلاقية التي حافظت على بقاء البشرية عبر القرون لم يعد لها مجال في الفضاء العولمي، وأن الوقت قد حان لتغييرها· وكان ذلك في الحقيقة أكثر من حاجة الكثير من الشعوب على الاحتمال حيث كانت القيم هي الحصن الحصين لهم الذي يلوذون به من عاديات الزمان· وعندما أحسوا أنهم سيفقدون هذه القيم أيضا دون الاستفادة بأي شيء من الأشياء التي وعدت بها العولمة، التي لم تقدم لهم سوى الأوهام كان رد فعلهم هو العودة مرة أخرى إلى الدين الذي رأوا فيه ملاذا وحصنا يمكن أن يقيهم الكثير من الشرور التي تأتي في ركاب العولمة والرأسمالية المتوحشة·
فهمي يسين- دبي