قد يكون من شأن الزيارة التي يقوم بها العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز هذه الأيام إلى دول آسيوية مهمة، كالهند والصين وباكستان، أن تعيد الاعتبار إلى آسيا في العقل الاستراتيجي الخليجي، وذلك بوصفها قارة غنية بالتنوع والإمكانيات الظاهرة والكامنة، بل أيضا لكونها تمثل عمقا حيويا شديد الأهمية بالنسبة لمنطقة الخليج العربي؛ فالعلاقات التاريخية بين الجزيرة العربية من جهة والصين وشبه القارة الهندية من جهة أخرى، علاقات ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، وقد اكتسبت أبعادها الاجتماعية على المحور الهندي- العربي خاصة خلال عهد الغوص وتجارة اللؤلؤ، وفي العصر الحديث جاء ظهور النفط ليجعل من منطقة الخليج محطة مهمة للعمالة الهندية والباكستانية المهاجرة، حيث شارك الملايين من أبناء الدولتين في بناء العشرات من المشاريع التنموية التي شهدتها دول المنطقة خلال عصر الوفرة النفطية، كما تكاثرت الشركات الصينية العاملة في مجالات التشييد والبنى التحتية، إضافة إلى ذلك فإن كون الدول الخليجية مصدراً أساسياً للبترول على مستوى العالم، وحيث إن الصين والهند وباكستان من المستهلكين الأساسيين لهذه المادة، فإن هذا البعد أضفى أهمية أخرى لا تقل أهمية على علاقات الجانبين·
وباعتبار الدول الآسيوية الرئيسية الثلاث المذكورة، قوى نووية كبرى في القارة الآسيوية، فإن ذلك يتطلب من منطقة الخليج والجزيرة العربية أن تتعامل معها وفق سياسة حكيمة للحفاظ على السلم والأمن وإبقاء القارة بمعزل عن أي سباق نووي وخيم الآثار والعواقب·
كما أن هناك مجالات تجارية واقتصادية وأمنية واسعة لتمتين التعاون وعرى الصداقة بين منطقة الخليج والمثلث الآسيوي الحيوي (الصين والهند وباكستان)، بما يعزز آفاق المستقبل ويزيد من الفرص ويحد من القيود أمام آسيا، وهي القارة التي حملت على تنوعها مآسي القرون وتجارب الفاقة والقهر!
ياسر العنزي- السعودية