لنتخيل عكس الذي حدث مع الإرهابي العتيد المدعو ''أبو حمزة المصري'' في قضيته مع الادعاء البريطاني·· ولنتصور أن الذي حدث هو ظهور مسيحي متطرف من أصل غربي، في إحدى الدول العربية أو الإسلامية·· ولنطلق على هذا المتطرف ''أبو جورج الاسكندنافي''··
ولكي تكون حكاية ''أبو جورج المتطرف'' هذه مشابهة لحكاية ''أبو حمزة المصري''، فإنني أدعوكم إلى أن تتخيلوا أنه يحمل جنسية دولة عربية أو إسلامية، أي أنه صار مواطنا عربيا بحكم الجنسية والجواز، كما صار المتطرف العتيد ''أبو حمزة'' مواطناً بريطانياً·· ولنتصور أن ''أبو جورج الاسكندنافي'' هذا قد دفعته الحماقة، تماما كما فعل ''أبو حمزة''، إلى أن يتنكر للأيادي التي امتدت إليه وانتشلته من وحل التخلف والجهل والأمية والفقر والحرمان، وفتحت له أبواب دولة عربية أو إسلامية للإقامة فيها حرا أبيا، آكلا وشاربا من خيراتها، ويتسلم في نهاية الشهر راتبا من خزينة حكومتها··
لنوسع دائرة أفق التفكير في أدمغتنا أكثر، ونتصور بأن ظهور ''أبو جورج'' في تلك الدولة العربية أو الإسلامية، هو أمر مشابه لظهور ''أبو حمزة'' في بريطانيا·· وأن الأخ ''أبو جورج'' سلك نفس المسلك الذي سلكه ''أبو حمزة''، فقرر في لحظة تجل، إشهار سيفه البتار على الدولة العربية أو الإسلامية التي آوته واحتضنته، ودعا إلى إسقاط النظام فيها·· ولنتخيل أيضا أن ''أبو جورج'' ألقى خطبا نارية في الكنائس التي يرتادها في تلك الدولة العربية أو الإسلامية، يدعو فيها أنصاره إلى قتل المسلمين وقادة ومسؤولي الدولة التي يعيش فيها·· ثم قال في إحدى خطبه إن هذه الدولة هي (مرحاض لابد من المرور عبره!!!)، كما قال المتخلف ''أبو حمزة المصري'' عن بريطانيا!!··
بعد أن تصورنا ما قام به ''أبو جورج''، هل لنا أن نتصور كيف يمكن أن تتعامل معه تلك الدولة العربية أو الإسلامية؟··
الآن دعونا نعيد قراءة كيفية تعامل الحكومة والأجهزة الأمنية البريطانية مع المتخلف ''أبو حمزة''·· هذا الجاهل الذي دعا علنا، وبعنجهية مقيتة، في خطابات نارية في قلب العاصمة البريطانية إلى سفك دماء البريطانيين، وبرر بكل صلف وبجاحة وعجرفة ارتكاب أعمال إرهابية بحق وطنهم ومنشآت بلدهم··
الباشا ''أبو حمزة'' اليوم يسكن في ''سجن خمسة نجوم''·· يأكل ويشرب ويلبس ملابس ربما لا يحصل عليها ربع الشعب البريطاني الذي دعا هو إلى سفك دمه وإعادة ''دولة الخلافة'' إلى عاصمة الضباب·· ليس هذا فحسب، بل تعاملت معه الحكومة البريطانية بمنتهى الرقي والتحضر والإنسانية، ودافعت عنه طبقا لمبادئ حقوق الإنسان، فعينت له محاميا يقبض آلاف الجنيهات بالساعة للدفاع عن متطرف يحمل في رأسه فكرا عفنا، يفسد حتى أقذر المجاري في أقذر بقعة في العالم··
لنعد الآن إلى ''أبو جورج'' الذي تخيلنا دعوته لسفك دماء المسلمين من أبناء البلد الذي يعيش فيه، وتدمير منشآته·· ترى هل كانت هذه الدولة العربية أو الإسلامية ستسمح له بالإقامة في سجن فخم يوازي فنادق الخمسة نجوم في نظافته وفخامته كما فعلت بريطانيا مع الجاهل ''أبو حمزة''؟·· هل ستقيم له محاكمة عادلة كما أقامت بريطانيا محاكمة عادلة للمتخلف ''أبو حمزة''؟·· هل كانت هذه الدولة العربية أو الإسلامية ستعين له محامياً للدفاع عنه؟·· هل كانت وسائل الإعلام في هذه الدولة ستفتح له المجال للتصريح والقيل والقال؟·· أم أنها كانت ستذيبه في حمض الكبريتيك المركز؟··