ليس التحالف بين دمشق وطهران وليد اليوم، أو نتيجة للضغوط التي يتعرض لها نظاما الحكم في العاصمتين، ولكنه يعود إلى فترة تمتد أكثر من عقدين في الماضي· كان العداء لإسرائيل أحد مرتكزات العلاقة المتينة بين العاصمتين منذ انهيار نظام شاه بهلوي في إيران وقيام ثورة الخميني الذي جعل من ''تحرير فلسطين'' مهمة كبرى ورسالة أساسية يطلع بها نظامه! إلا أن العداء للدولة اليهودية كان يتقدم عليه في المرتبة والأهمية عداء النظامين معا، في سوريا وإيران، لصدام حسين ونظامه في العراق! كان الفرق من الناحية الأيديولوجية شاسعا بين حافظ الأسد والإمام الخميني، وكان صدام المنتمي إلى ''حزب البعث العربي الاشتراكي'' هو الأقرب إلى الأسد، رفيقه السابق وصاحب العقائدية البعثية أيضا، كما كان يمكن للثلاثة أن تقربهم إلى بعضهم بعضاً معاداة إسرائيل لو أنها كانت موقفا مبدئيا وحقيقيا لديهم جميعا· الأسد وصدام كلاهما كان قوميا عربيا، وبينما خاض صدام حربه ضد إيران باسم القومية العربية وتحت شعاراتها، كان الخميني يخوضها من جانبه باسم الإسلام، أما الأسد فساند الخميني تحت حجج الانتصار للحق ومناهضة الظلم!
كان في ذلك المشهد الذي رسمته مواقف القادة الثلاثة طوال عقدين من الزمن، مفارقات كثيرة ومساحة واسعة من العبث واللامعقول، لكن المشهد ذاته يتكرر اليوم، وإن في إطار ثنائي بين الأسد الابن وأحمدي نجاد الذي يمثل الوريث الأيديولوجي للإمام الخميني وأفكاره، بينما غاب من المشهد صدام حسين بغياب سلطته واختفى ورثته ''الشرعيون'' أيضا!
وفي ظل التغييرات الكبرى التي فرضتها قوة النظام الدولي على المنطقة، نتابع اليوم محاولة لإعادة إحياء التحالف السوري- الإيراني، فماذا يعني ذلك؟ وأي دلالة تستبطنها التحركات الأخيرة بين الجانبين؟!
ناظم جبر- العراق