''السيناريو الذي نتحدث عنه تم التخطيط له بحيث أننا إذا ما لحقت بنا هزيمة ما، فإن الآخرين أيضاً ستلحق بهـم الهزيمة في المنطقة''··· علي لاريجاني الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني والمسؤول عن الملف النووي·
قبل أكثر من عام خلص تقرير أصدرته الأمـم المتحدة إلى أن انتشار أسلحة الدمار الشامل حول العالم وعدم القدرة على الحد من انتشارها يشكل أخطر تحدٍّ للأمن العالمي، وذلك في ظل امتلاك 8 دول لأسلحة نووية و60 دولة لديها برامج وأبحاث نووية و40 منها لديها البنى التحتية العلمية والصناعية التي تؤهلها إذا ما أرادت للحصول على السلاح النووي خلال فترة قصيرة· هذا الاستنتاج المقلق نتيجة التركيز على إيران المصنفة ضمن ''محور الشر'' في العقلية الأميركية، والتـي كانت قد وقعت على اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية والبروتوكول الإضافي دون غيرها من الدول، يجعل منطقة الخليج والشرق الأوسط برمتها بما فيها إسرائيل النووية في المنطقة تحت المجهر·
تستقوي إيران في تحديها للمجتمع الدولي بعدة محاور:
أولا: تصنيف إيران من قبل واشنطن ضمن ''محور الشر'' يجعلها بحاجة إلى غطاء نووي لحمايتها من أي اعتداء محتمل في المستقبل·
ثانياً: الدور الإيراني المتصاعد من غرب أفغانستان إلى العراق ومنطقة الخليج العربي، حيث يوجد مفاعل ''بوشهر'' الأقرب إلى عواصم دول مجلس التعاون الخليجي·
ثالثاً: الدور الإيراني المتصاعد لإدماء الأنف الأميركي في العراق ، حيث تبرز إيران الدولة الممسكة بالأرض سياسياً وأمنياً· مع وصول حكومة عراقية موالية لها·
رابعاً: انتشار إيران ونفوذها لبلاد الشام عبر تحالف استراتيجي مع الشريك المأزوم سوريا و''حزب الله'' في لبنان، و''حماس'' و''الجهاد الإسلامي'' كأوراق ضغط بيدها، خاصة بعد تصريحات خالد مشعل في طهران بفتح الجبهة الفلسطينية إذا ما هاجمت إسرائيل إيران·
خامساً: تستفيد إيران من الفراغ الناجم عن رحيل شارون سياسياً وخلط الأوراق في إسرائيل لشراء الوقت· كما تعول على الحليف الروسي الذي يمولها بالتكنولوجيا النووية في ''بوشهر''· وتستفيد إيران من العلاقة الوثيقة مع الصين لتحصل على ''الفيتو'' الصيني إذا ما تم تحويل الملف النووي الإيراني لمجلس الأمن كما تهدد أميركا وأوروبا وتحذر المنظمة الدولية للطاقة الذرية·
سادساً: على الرغم من تأخر دول مجلس التعاون الخليجي عبر البيان الختامي -''إعلان أبوظبي''- الصادر في نهاية العام الماضي بالمطالبة بجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل بما في ذلك منطقة الخليج· وتصريحات مسؤولين خليجيين عن الحاجة إلى الطمأنة بإجراءات الأمن والسلامة والمخاوف من تسرب إشعاعات نووية على الأمن والبيئة الإقليمية·
إلا أن إيران لا تأخذ ذلك على محمل الجد، دون أن تتفهم كيف تنظر لها دول العالم -ونحن منهم- عن الأسباب التي دفعت إيران لإخفاء برنامجها النووي السري لمدة 18 عاماً· ثم لماذا تريد طهران الطاقة النووية لأغراض توليد الطاقة والكهرباء لدولة تسبح على بحر من النفط والغاز؟
سابعاً: تستفيد إيران من ضعف التحالف ضدها وانصرافه لمصالحه الذاتية·
فأميركا غارقة في المستنقع العراقي، وأوروبا التي يحكمها هاجس الاعتماد على الغاز الروسي الذي قطع، خلال الآونة الأخيرة، عن أوكرانيا وأورويا، تنظر لإيران كبديل للابتزاز الروسي· والروس يريدون إزعاج الأميركيين والعودة للمسرح العالمي من باب الملف النووي الإيراني·
والصين تريد أن تحقق مكاسب وحضورا دوليا عبر الملف النووي الإيراني والكوري الشمالي لاحتواء النفوذ الأميركي والغربي· والدول العربية بما فيها الدول الخليجية بلا خطة أو تأثير· لذلك تستفيد إيران من هذا التشرذم وتستقوي بأوراقها الممسكة بها بقوة وتبدو أكثر ثقة وتصميماً· على ما يبدو، فإن على الجميع بما فيهم أميركا وإسرائيل أن يتعايشوا مع هذا الواقع الجديد حتى يتغير أحد أركان هذه المعادلة التي تميل لمصلحة إيران حالياً·