تلاحق المؤتمرات التي شهدتها عواصم عالمية عديدة في الفترة الأخيرة حول مرض أنفلونزا الطيور يؤشر إلى الخطر الماحق الذي أصبح هذا الوباء يشكله على مستقبل الجنس البشري، ولعل المجتمع الدولي إذا لم يبذل جهودا جدية لمواجهة هذا الوباء يدفع ثمنا غاليا خاصة في الدول الفقيرة غير القادرة على اقتناء الأمصال والأدوية التي تحتكر حق إنتاجها بعض أقسى وأعتى شركات الأدوية العالمية التي لا تعرف الرحمة إلى قلوب مديريها سبيلاً· وقبل أنفلونزا الطيور ما زال الإيدز يحصد كل يوم مئات آلاف الناس في مختلف أرجاء المعمورة، وما زال السرطان وحمى الوادي المتصدع وحمى النيل والإيبولا والكوليرا وغيرها من أوبئة مستوطنة وغير مستوطنة· ولو نظرنا إلى ما تنفقه الدول الغنية على مكافحة الأمراض وتحسين شروط عيش الكائن البشري فإننا سنصاب بصدمة لا تبقي ولا تذر، لأن ما ينفق لا يوازي 1% مما ينفق على الحروب العبثية والتسلح الجنوني وبرامج أخرى غير ذات أهمية بالنسبة لحياة عامة الناس·
وكل ذلك يؤكد أن عالمنا اليوم فقد بوصلته الأخلاقية ولم يعد يقيم وزنا كافيا لخطر الأمراض وضرورة مواجهتها، على رغم أن أصوات المنظمات الصحية الدولية بحت من الصراخ ولكن لا مجيب ولا من يقيم لمستقبل الإنسانية على هذا الكوكب وزنا· بل إن الدول الكبرى مهتمة فقط بتدمير شروط عيشنا معا بأمان على الأرض من خلال تدميرها المتواصل للبيئة واستهتارها بالتوازن الهش لهذا الكوكب، وأيضا من خلال استهتارها في تبديد الموارد الشحيحة المتاحة وصرفها في غير مصارفها الطبيعية والإنسانية والأخلاقية·
منصور زيدان- دبي