السباق الكبير للقرن الحادي والعشرين بدأ بالفعل بين الصين والهند لتحديد من منهما ستكون القوة القائدة في العالم عام ·2100
والزيارة التي يزمع الرئيس جورج بوش القيام بها للهند الشهر القادم مهمة لأننا في أميركا يجب أن نعرف أن الصين ليست هي فقط التي تلاحقنا عندما ننظر في مرآة الرؤية الخلفية لعربتنا ولكن الهند أيضا·
ومن بين أبرز نقاط القوة التي تتمتع بها الهند نهم أبنائها للتعليم والمعرفة· ففي الوقت الذي تقوم فيه معظم الصحف الأميركية باجتذاب القراء عن طريق الكوميديا وتقوم صحف الإثارة البريطانية بإغرائهم بصور النسوة العاريات الصدور، فإننا نجد أن الصحف اليومية في مدينة مثل كالكتا تجتذب القراء من خلال نشر معادلات رياضية· لقد قمت بزيارة إلى إحدى المدارس الخاصة المتداعية في منطقة فقيرة من مناطق كلكتا، يعمل أولياء أمور التلاميذ الذين يدرسون بها في مهن متواضعة ولا يزيد دخلهم الشهري في المتوسط عن 23 دولاراً ولكنهم يدفعون جزءا لا بأس به منه لتعليم أبنائهم في تلك المدرسة التي تقدم مستوى تعليميا جيدا وتقوم بتدريس اللغة الإنجليزية والفن والموسيقى إلى جانب المواد التقليدية· ومثل هذه المدارس الخاصة تزدهر الآن في مختلف مناطق الهند، كما أن عدد المتحدثين بالإنجليزية في الهند يتزايد باستمرار، وبالتالي يتزايد الاعتماد عليهم في أداء بعض الأعمال للشركات الأميركية وهم في مواقعهم في الهند فيما يعرف بظاهرة تكليف عمالة خارجية بأداء الأعمال لشركات محلية في أميركا ."Outsourcing"
والهند إلى جانب ذلك تتمتع بنظام مالي متين مقارنة بنظام الصين الكارثي· ومن الناحية الديموغرافية نجد أن الهند في وضع أفضل من الصين يتيح لها أن تتقدم بمعدل أسرع على المدى الطويل· يرجع السبب في ذلك إلى أن الصين قد حصدت ثمار سياسة تحديد النسل بالفعل وبدأ سكانها الحاليون يشيخون بمعدل سريع في حين أن سكان الهند سيكون معظمهم في سن العمل على مدار العقود القادمة (وهو عامل يرتبط ارتباطا وثيقا بالنمو الاقتصادي)·
والهند أيضا دولة ديمقراطية، لديها صحافة حرة، ومجتمع مدني وكلها عوامل توفر قدرا من الاستقرار السياسي· صحيح أن الهند يمكن أن تنفجر كما انفجرت عندما تم ذبح المسلمين في جوجارات عام 2002 ولكن أخطار الانفجارات السياسية والاجتماعية في الهند آخذة في التقلص في حين أنها قد تكون آخذة في الارتفاع في الصين· ومن المرجح أن الصين سوف تتمكن من تدبير أمر انتقالها النهائي إلى الديمقراطية، بقدر يمكن احتماله من الاضطرابات كما حدث من قبل في تايوان وكوريا الشمالية· وتختلف الحالة الصينية عن الحالة الهندية في أن كل شيء فيها يمكن تخيل وقوعه بما في ذلك وقوع انقلاب أو حدوث قلاقل واسعة النطاق أو حتى حرب أهلية· مع ذلك يمكن القول إنه إذا ما كانت الديمقراطية هي إحدى نقاط قوة الهند فهي أيضا إحدى نقاط ضعفها· فالإصلاحات الاقتصادية التي قدمها رئيس الوزراء مانموهن سينغ يتم إيقافها أو تعطيلها في المتاهة السياسية الهندية· والمشكلة الأساسية التي تعاني منها الهند هي أن سياساتها الاقتصادية ليست على نفس القدر من الذكاء، والملاءمة للنمو، وبعد النظر مثل سياسات الصين·
وهذه مأساة في الحقيقة فنحن جميعا نريد من الهند أن تظهر أن الديمقراطية ميزة·· ولكن مشرعي القوانين الهنود لا يقدمون العون في ذلك· فالأجانب مازالوا محرومين من الاستثمار في قطاعات معينة في الاقتصاد الهندي مثل تجارة التجزئة· كما أن عملية الخصخصة تمضى بخطى متثاقلة، والمبالغ المخصصة للدعم تتصاعد إلى عنان السماء إلى درجة أن الهند تقوم بإنفاق 6,6 روبية كي نتمكن من توصيل دعم غذائي قيمته روبية واحدة إلى الفقراء· وقوانين العمل تقييدية ولا تساعد الشركات الأجنبية على استئجار العمالة المحلية، كما أن اللوائح تميل إلى خنق روح المبادرة التجارية·
والذي حدث هو أن الهند قد تمتعت بازدهار أدى إلى إضافة أعداد قليلة من الوظائف· فعدد العاملين في التكنولوجيا والتصنيع لا يتجاوز المليون على الرغم من أن القطاع الأخير بالذات يمكن أن يستوعب عشرات الملايين من العمال الزراعيين الفقراء· وهذا المعدل بالنسبة لعدد السكان الإجمالي يجعل الهند تأتي وراء دولة مثل بنجلادش· والخاسر من ذلك هم فقراء الهند في النهاية·
وفي الوقت الذي كانت فيه الصين في غاية الذكاء في تحديث بنيتها التحتية، فإن وضع الهند كان يدعو للرثاء· وينبغي الإشارة هنا إلى أن مستقبل الهند الاقتصادي سوف يتعرض إلى الإعاقة بسبب بنية طرقها ومطاراتها التي تنتمي إلى الدرجة الثالثة·
علاوة على ذلك نجد أن الهند تقوم بإدارة مشكلة الإيدز لديها بشكل سيئ للغاية· ويمكن القول إن عدد المصابين من أبنائها بفيروس هذا المرض يفوق الموجود في أي دولة أخرى وأن الإيدز يلقي بظلال قاتمة على مستقبل هذا البلد بأسره·
وخلاصة الأمر أن الهند تنهض الآن بعد قرون من الخمول، وأن احتمال تعرضها لكوارث سياسية يقل عن احتمال تعرض الصين لتلك الكوارث· وعلى الرغم من أن الهند