انتهت في الأيام القليلة الماضية الجولة السابعة من المفاوضات الدائرة بين حكومة السودان والجماعات المتمردة عليها في إقليم دارفور والتي كان مقرها ومكانها العاصمة النيجيرية·
انتهت هذه الجولة دون الوصول إلى حل لهذا النزاع الخطر الذي دخل عامه الثالث، وحسبما أعلن فإن التفاوض سيستأنف في اليوم الرابع عشر من هذا الشهر في نفس العاصمة وتحت إشراف منظمة الاتحاد الأفريقي·
إن أبرز نقاط الخلاف بين الطرفين وأوضحها هو ما طرحه المتمردون في نهاية هذه الجولة والذي حددوا فيه مطالبهم الخاصة باقتسام السلطة وما يرونه من حقوق أهل دارفور ولابد من الالتزام به· إنهم يريدون باختصار أن يكون نصيب أهل دارفور هو 41% من السلطة الممنوحة لكل شمال السودان وفق اتفاقية نيفاشا· يريدون تطبيق تلك النسبة في السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية، إضافة إلى نسبة 7% من كل المؤسسات والهيئات بالمفوضيات والشركات والصناديق الاجتماعية والاقتصادية وحتى اللجان المتوقعة· ومع هذا وغيره فهم يطالبون بأن يكون هناك نائب لرئيس الجمهورية في دارفور وأن يخصص منصب والي العاصمة القومية ''الخرطوم'' لواحد من أبناء ذلك الإقليم·
وهنا يمكن التكهن بأمرين قد يكون كلاهما أو أحدهما هو ما حمل المتمردين إلى هذا المستوى من البعد عن المعقول أو المقبول منطقياً·
هناك ما يدور في مجلس الأمن الدولي وفي الكونغرس الأميركي وفي جهات أخرى من العالم الغربي والذي شمل تلويحاً بالتدخل بصورة ما في دارفور لإنهاء الصراع· إن أمر الوساطة بين الطرفين المتنازعين، الحكومة والمتمردين، ترك حتى الآن للاتحاد الأفريقي وقواته التي تراقب تطبيق وقف إطلاق النار في دارفور، ولكن كثر التلميح مؤخراً من مراكز النفوذ في العالم الغربي بأن الاتحاد الأفريقي عاجز عن تحقيق السلام وعليه فلابد من التدخل على مستوى أعلى وأقوى· ومن الإشارات حديث عن تدخل قوات حلف الناتو· هذا أحد الاحتمالين·
أما الاحتمال الثاني فلعله ما يجري الآن من صراع حاد بين حكومتي السودان وتشاد مما أدى لحشد قوات الطرفين المسلحة على الحدود وتوقع نشوب حرب في أية ساعة اعتماداً على التصريحات الملتهبة والتي تصدر على التوالي من مسؤولين تشاديين رغم جهود التهدئة التي تمارسها الخرطوم·
والتقدير هنا أنه لابد أن المتمردين الدارفوريين يتوقعون من تحقيق أي من الاحتمالين السابقين، تدخلا دوليا أو شبه دولي، أو صراعا دمويا بين الخرطوم وتشاد· وأنه في الحالتين فإن الحصيلة هي إضعاف أو إنهاك للنظام القائم في السودان يفتح الباب لتحقيق سقف عالٍ من مطالب الذين يحملون السلاح في دارفور· وهكذا فإن أزمة دارفور التي شغلت العالم وما زالت تؤرق نتائجها على واقع الحياة في ذلك الإقليم كل أهل السودان في الشمال والجنوب، هذه الأزمة حملت أبعاداً جديدة لا تحمل على التفاؤل·
ورغم هذه الصورة فإن هناك جهوداً تبذل لإصلاح الحال ولعل أبرزها ما أعلنه الرئيس النيجيري أبوسانجو هذا الأسبوع، بأنه سيظل يرعى المفاوضات الخاصة بدارفور بنفسه وسيذل أقصى جهد ممكن للوصول إلى حلول مرضية· وكذلك قال الرئيس الليبي معمر القذافي الذي دعا إلى عاصمته فور انتهاء الجولة الأخيرة من المفاوضات، عدداً من زعماء التمرد في دارفور للتشاور أملاً في الوصول إلى حل·