غدا هو أول أيام عيد الأضحى المبارك·· ويأتي هذا العيد في عامنا هذا، كما جاء في عامنا الذي مضى، وقد فقد الوطن قائدا عزيزا آخر هو المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم ''رحمه الله''·
ملاحظتان جديرتان بالذكر من أيام العزاء، لفتتا نظر جميع الإخوة المواطنين والمقيمين، ولقادة الدول العربية والإسلامية قاطبة الأولى هي هذه الجموع الغفيرة من المواطنين من أبناء الدولة، الذين توافدوا طوال أيام العزاء على قصر زعبيل لتقديم واجب العزاء·· الآلاف من المواطنين، كباراً وصغاراً، شيوخاً وأطفالاً وشباباً، كانوا يقفون في طوابير طويلة يومياً على باب قصر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حرصاً منهم على تقديم واجب العزاء لسموه ولأخويه سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي وزير المالية والصناعة، وسمو الشيخ أحمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الشرطة والأمن العام بدبي، في فقيدنا الغالي المغفور له الشيخ مكتوم·
ولم يكن هذا التوافد الكبير وهذا الاهتمام اللامحدود من المواطنين بغريب على أبناء هذا الوطن الكبير، فقد زرع فينا قادتنا الذين أسسوا هذه الدولة، أجمل مبادئ الوفاء والولاء والالتفاف حول أولياء الأمور والقادة في مثل هذه المناسبات وفي أي حدث جلل· كان الحزن والأسى على الوجوه، وكانت النفوس تتضرع إلى الله العلي القدير أن يتقبل دعاءها في هذه الأيام المباركة، أيام الحج والوقوف في عرفة، حيث يقف مئات الآلاف من الحجيج المسلمين في أقدس وأطهر بقعة على الأرض، متضرعين إلى الله بقلوب مؤمنة أن يتغمد جميع أموات المسلمين بواسع رحمته·
إن التعبير الصادق عن الوفاء، المتمثل في توافد عشرات الآلاف من المواطنين، ووقوفهم في صفوف طويلة خارج القصر وعند البوابات الرئيسية لقصر زعبيل، هو تفسير لأجمل المفاهيم الاجتماعية التي ميزت وما زالت تميز البناء الأسري والتماسك الاجتماعي الذي يقيم عليه مجتمع دولة الإمارات دعائمه وأسسه·
أما الملاحظة الأخرى الجديرة بالذكر، فهي هذا الانتقال السريع والسهل للسلطة سواء في ملء الفراغ في المنصب الاتحادي المتمثل في رئاسة مجلس الوزراء، أو في المنصب المحلي المتمثل في انتخاب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكما لإمارة دبي ورئيسا لمجلس الوزراء·
هذا الانتقال السهل للسلطة، من دون أي تعقيد أو تأخير أو تراخ، دليل على تماسك البنية السياسية لمجتمع دولة الإمارات، ودليل على العهد والوعد الذي قطعه على أنفسهم أولياء أمورنا، بالالتزام بالمبدأ الذي غرسه في نفوسهم القائد المؤسس الراحل المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ''طيب الله ثراه''، والراحل المؤسس الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم ''طيب الله ثراه''، بأن مصير هذه الدولة وقوتها واستمرارها في درب الخير والرخاء والتقدم، ليس له سوى طريق واحد هو طريق المصلحة المشتركة، والعمل الجماعي والتلاحم السياسي·· هذه المبادئ والأسس التي قادت زايد وراشد إلى تكوين وتشكيل وإقامة هذا الكيان الاتحادي العظيم·
لقد كان الانتقال السلس واليسير للسلطة، من دون ضجة أو كثير من الانتظار، أحد أهم إنجازات العهد الجديد بعد رحيل الشيخ مكتوم ''رحمه الله''، فالأمم والشعوب المتماسكة والمتآزرة، هي الأمم القادرة على تجاوز الأزمات والمحن·