يكاد لا يصدر عدد من إحدى صحف الإمارات دون نشر خبر أو تعليق سلبي عن وزارتي العمل والتربية· ولئن كانت أخبار التربية تقتصر في أكثر الأحيان على أخطاء المناهج وشكاوى أولياء الأمور وتجاوزات المدارس ونواقصها، فالأمر مختلف مع العمل، هناك صيد لمسؤوليها حين تتعكر أمزجتهم·
استمرار الجرائد وبشكل شبه يومي، ليس من اليوم والأمس، في ''فضح'' العمل والتربية يحتاج إلى وقفة توضيحية لا بقصد الدفاع، فحتى المحامي ''يك يكي'' لا يقوى على ذلك بسبب تضافر الأدلة وتراكمها، لكن لمجرد التوضيح خاصة مع التغيير الوزاري المترقب بعد وفاة الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم ''رحمه الله''، وهذا يتطلب تكبير العدسة ليظهر الجميع، وأجزم أنه لو تم تقريب العدسة نحو وزارات ودوائر أخرى لاندفعت الفضائح نحو الصحفيين تمسك بتلابيب ثيابهم·
بداية يجب أن نضع في الاعتبار أن لضخامة مهام العمل والتربية أثرا كبيرا في كثرة ما ينشر في حين أنك لا تجد شيئاً عن وزارة الزراعة مثلاً، لا خيراً ولا شراً، ليس لأنها وزارة مثالية ولكن لأن مهامها لا تتجاوز مهام موظفي طابق واحد في العمل والتربية·
ولعلّ ارتباط جميع المواطنين والمقيمين بالوزارتين هو أيضا سبب وجيه في هذا السياق، فليس هناك مواطن إلا وله ارتباط ما بالتربية سواء أكان موظفاً فيها أو يدرس من خلالها أو يدرس أولاده أو حتى جدته في فصول محو الأمية· الأمر نفسه مع وزارة العمل، فجميع المقيمين والمواطنين أصحاب الأعمال الخاصة يرتبطون بها، وبوجود هذه الارتباطات تظهر الأخطاء· لكن كيف أعرف ماذا يحدث في وزارة المالية مثلاً وأنا لا علاقة لي بها من قريب أو من بعيد؟ مع الأخذ بعين الاعتبار أن وجود بعض الأخطاء دليل حيوية وحركة وتغيير، فالذي يعمل يستحيل ألا يخطئ·
وهناك أمر مهم جعل باقي الوزارات بمنأى عن النقد ألا وهو صعوبة معرفة الجهة المقصرة بسبب تضارب المسؤوليات في عدد لا يستهان به من الخدمات، فأخطاء الطرق مثلاً لا يعرف أكثر الناس من المسؤول عنها: البلديات أم وزارة الأشغال، بينما كل ما يخصّ العمل تتحمله وزارة العمل، وكل ما يحدث في المدارس والجامعات فعلى عاتق وزارة التربية·
ويلاحظ أن بعض أخبار العمل والتربية لا تعتبر سيئة إذا ما قورنت بما يحدث في الوزارات المنسيّة أو الدوائر المدلّلة، فهل يعقل أن كمبيوتر العمل هو الوحيد الذي تعطل في أحد الأيام؟ وهل سلة المهملات التي وضعتها العمل بالقرب من طابور المراجعين هي الوحيدة من نوعها؟ وهل تخلو ملفات باقي الجهات من الأخطاء في حين تطفح كتب التربية بالأخطاء؟ وهل التسرب شبه الجماعي لموظفي التربية من عجائب الوزارة أم أنه عرف وزاري مسموح به عند الجميع تعويضاً عن ضعف الرواتب؟
أما الدوائر المحلية المرتبطة بالحكومات السبع، فتكاد تخلو الجرائد في أكثر الأيام من نشر غسيلها، ليس لأن ملابسها نظيفة، لكن لأن هذه الدوائر لها ظهور تحميها لأنها محسوبة على فلان وعلان بينما الوزارات الاتحادية جهات سبيل للصحافة لأنها ليست محسوبة على أحد·
ختاماً يتمنى المرء أن يفعّل دور الصحافة مع الجميع، وأن يشعر المرء بالفخر حين يفتح الجرائد فيجد قوة السلطة الرابعة واضحة توقظ جميع النائمين في العسل والذين لا يوقظهم أحد، وتحتك بكل المدلّلين في ريش النعام الذين لا يقترب منهم أحد، فهل نجح ''يك يكي''؟