''فقدت دولة الإمارات قائداً تاريخياً من قادتها، ساهم طيلة حياته في بناء الدولة وترسيخ كيانها وخير شعبها''· (بيان نعي من رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد)·
أكتب هذه المقالة من دبي الحزينة الملتحفة أثواب الحداد التي أزورها للمشاركة في مؤتمر عن العلاقة بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الشرق الأقصى· لقد صعقنا جميعاً، إماراتيين وعرباً وأجانب بخبر رحيل المغفور له الشيخ مكتوم بن راشد، داخل قاعة المؤتمر عندما وصلنا الخبر الحزين·
مع مطلع عام 2006 وفي بداية الألفية الثالثة رحل أحد أعمدة الإمارات من الجيل الثاني، حاكم دبي، ونائب رئيس الدولة ورئيس الوزراء الإماراتي الشيخ مكتوم بن راشد بعد 14 شهراً من رحيل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان مؤسس وراعي أنجح تجمع عربي في كيان فيدرالي، وبعد 15 عاماً من رحيل والده المغفور له الشيخ راشد بن مكتوم·
كان الشيخ مكتوم بن راشد أول رئيس وزراء لدولة الإمارات العربية المتحدة، بعد تشكيلها كياناً فيدرالياً عام 1971 في حفل أقيم في دبي نفسها· والتي تحولت إلى كيان في عهد الشيخ مكتوم وبإدارة وقيادة وجرأة وإقدام من الشيخ محمد بن راشد، ينافس ويضاهي كبريات مدن العالم الأول، حيث تعجب كل مرة تزور دبي بالنهضة العمرانية والمشاريع العملاقة والأفكار المبدعة والخدمات المتميزة والمراكز التجارية والخدماتية والسكانية التي تضاهي مدناً كلندن وجنيف وهونغ كونغ· حيث كان الشيخ محمد بن راشد المحرك الأساسي وصاحب الأفكار والمبادرات، والمعروف عربياً بمزاياه العديدة كفارس وشاعر وراعٍ لكثير من المشاريع الخيرية من مسابقة القرآن الكريم إلى جائزة الصحافة العربية· الملفت في كل ذلك هو سهولة الانتقال وسلاسة التغيير كما كان متوقعاً، وأصبح عرفاً شهدناه في الإمارات العربية مع رحيل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان وقبلها في البحرين مع رحيل الشيخ عيسى بن سلمان وفي السعودية مع رحيل الملك فهد بن عبدالعزيز وتولي خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز·
لقد خسرت الإمارات برحيل الشيخ مكتوم بن راشد أحد أبرز رجالات الجيل الثاني من رعاة نهضة الدولة وخاصة إمارة دبي المميزة الرائدة· ولكن العزاء بوجود الشيخ محمد الرائد المميز والقائد الجريء لإكمال المسيرة، والعزاء الصادق لأسرة آل مكتوم وللإمارات شعباً ودولة·