شتان بين المَصدَر والمرجع
تحت عنوان ''أمة الكلام بامتياز''، نشرت ''وجهات نظر'' يوم أمس الثلاثاء مقالاً للدكتور أحمد البغدادي، ناقض فيه نفسه بوضوح حين تكلم عن اعتماد الرواية التاريخية على الشفهية التي لا تنسجم مع المنهج العلمي، ثم أقحم التاريخ الإسلامي في هذه المسألة من خلال كتاب ''تاريخ الرسل والملوك'' للإمام الطبري المعروف بـ''أبو التاريخ الإسلامي'' بإقرار الدكتور نفسه· الدكتور البغدادي ضرب عرض الحائط بآراء السابقين من العلماء الذين اصطلحوا على تعريف الطبري رحمه الله بـ''أبو التاريخ''، والمعاصرين الذين أقروا هذه التسمية لذلك العالم المؤرخ الفذ -بصرف النظر عما بين دفتي الكتاب من روايات غير صحيحة أو موضوعة- فالطبري بشر أولاً وأخيراً، وهذا لا يقدح في كتاب عملاق ومصدر فريد ككتابه، وليس من المعقول أن يتجاهل -البغدادي- الفارق البيّن بين المصدر والمرجِع، وكتاب الطبري من المصادر، والمؤرخون عامة يعتمدون على الروايات الشفهية والمشاهدات عن الثّقاة·
وكذلك وجّه سهماً نحو كتب الحديث متهماً إياها -بما يميزها- وهو اعتمادها على سلسلة الرواة أكثر من اعتمادها على المتن أو النص، ولو كان المُتّهِم عامياً أو أمياً لكِلتُ له من النقد ما يستحق، ولكن يكفي -البغدادي- أن يقرأ ما قاله علماء الغرب في موسوعاتهم حيث شُدِهوا من دقة علم الحديث من خلال سلسلة الرواة ليصل المُحدّث بدقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم -مصدر الحديث- ولقد أقر الغرب بذلك حين قالوا ''لِيتيه العرب بعلم حديثهم ما شاءوا'' لِما رأوا فيه من الدقة والإتقان، ثم إن سلسلة الرواة هذه تعتمد على صحابة أجلاء عدول ضابطين حافظين، ويستطيع -البغدادي- مراجعة كتب مصطلح الحديث ليعرف شططه وهُراء ادعائه على سلسلة الرواة من الصحابة والتابعين·
وأخيـراً فـإن ادعـاءات الكاتب لا تعتمد على أدلة ثابتة مُسندة·
سليمان العايدي- أبوظبي