مشروع التأمين الصحي الذي تقرر تطبيقه في إمارة أبوظبي اعتبارا من شهر مايو المقبل يحقق مجموعة من الأهداف المهمة والتي يتصدرها توفير كل مقومات التطوير والتحديث المستمر للخدمات الصحية بحيث تصبح منشآتنا الصحية قادرة على مواكبة المستجدات والمتغيرات المتسارعة في قطاع يشهد اكتشافات جديدة وتقنيات حديثة كل يوم تقريبا·· ويتصدر الأهداف بالطبع تأكيد حق كل من يقيمون على هذه الأرض الطيبة في الحصول على أعلى مستويات الرعاية الصحية التشخيصية والعلاجية وعلى أفضل الخدمات الوقائية·
وإذا كانت القراءة المتأملة لخريطة التقدم الصحي في العالم تكشف لنا ارتباط تقديم مستوى متميز من الخدمات الصحية بتطبيق نظم متقدمة ودقيقة وشاملة للتأمين الصحي تغطي كل المقيمين بما في ذلك الزائرون لفترات قصيرة، فإن تطبيق نظام التأمين الصحي الجديد في أبوظبي يمثل خطوة مهمة على طريق الانضمام إلى دول النخبة من حيث مستوى الرعاية الصحية المقدمة للمستفيدين ولجميع الفئات المستهدفة·
هذه الحقيقة لا يجب أن تطغى على النتائج الأخرى المتوقعة للنظام التأميني الجديد والتي لا تقل أهمية عن المردود الصحي المباشر له، وهي النتائج التي ترتبط ارتباطا وثيقا بقدرة النظام الصحي والجهات المعنية على إلزام جميع جهات ومؤسسات العمل على تحمل الاشتراكات التأمينية للعاملين بها·
وأول هذه النتائج أن نظام التأمين الصحي الجديد سوف يساهم بشكل غير مباشر في تقنين استقدام العمالة وسوف يساهم بشكل مباشر في علاج جانب من جوانب أسباب الخلل في التركيبة السكانية، فاشتراكات التأمين سوف تضاف إلى تكلفة العمالة المستقدمة وهو ما يسهم في جعل أصحاب العمل يتعاملون بحذر شديد مع الاستقدام ليقتصر على الضرورات القصوى· والنتيجة الثانية التي لا تقل أهمية هي أن النظام التأميني الصحي الجديد سوف يسهم في تحقيق الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص في مجال الرعاية الصحية وسوف يخلق وربما لأول مرة منافسة على الجودة يجني فوائدها المرضى ويحصد ثمارها النظام الصحي بمجمله· فالتأمين الصحي في معظم شرائحه يمنح المستفيد حق اختيار المنشأة الصحية التي سوف يعالج فيها وأن يفاضل بين المستشفى العام والمستشفى الخاص ليختار الأفضل·· وحق الاختيار يمثل دافعا مهما للتنافس المفيد·
وأخيرا فإن تطبيق هذا النظام من شأنه أن يوحد مستوى الخدمات الطبية الأساسية التي يحصل عليها جميع المواطنين والمقيمين، وهو ما يسهم في دعم برامج الوقاية من الأمراض السارية بما يوفره من إمكانيات التشخيص المبكر لهذه الأمراض والتعامل معها فور ظهور أي إصابة بها·