تدريس الفلسفة ضرورة تربوية
في مقاله المنشور هنا يوم السبت الماضي والمعنون ''رعب الفلسفة''، تحدث الكاتب خالص جلبي عن أهمية الفلسفة في صقل وتدريب الملكات التفكيرية للإنسان، وهو رأي أوافقه عليه تماماً، وضمن تعقيبي عليه أقول إن جزءاً من مشكلتنا العربية مع الحداثة والتنوير ربما يكون عائداً إلى عدم اهتمامنا بتدريس مادة الفلسفة بما هي طريقة في التفكير النقدي، ومساءلة ماهوية ومنهجية لكل المسلَّمات والأحكام الجاهزة المسبقة التي درج الناس في وعيهم العادي عليها· فبعد تاريخ طويل من قمع ورفض الفلسفة والفلاسفة، عرف به بعض العرب في العصر الوسيط، على رغم ازدهار نسبي في العصرين العباسي والأندلسي، للفلسفة ولترجماتها، استقر رأي الفقهاء على تحريم الفلسفة وصدرت فتوى ابن الصلاح الشهيرة، بأن ''الفلسفة أسُّ الضلال والسفه'' و''من تنمطق تزندق''، أي من استخدم علم المنطق أصبح زنديقاً والعياذ بالله، هذا وصولا إلى تشديد النكير على كل ما له صلة بالفلسفة في عهود لاحقة بلغت ذروتها في عصر الانحطاط· وليس حال الفلسفة الآن في الوطن العربي أحسن بكثير، خاصة أن العديد من الدول العربية تمنع تدريس الفلسفة بعد ضغوط واسعة من بعض التيارات المتشددة التي أحكمت إلى عهد قريب قبضتها على سياسات المناهج التربوية· ولذا أوافق الكاتب على أهمية الفلسفة وعلى ضرورة تسليح الدارسين بها عن طريق مناهج دراسية رسمية لما في ذلك من تنمية لقدراتهم النقدية، وملكاتهم التفكيرية، خاصة إذا كان مجال اختصاصهم إنسانياً كالآداب والعلوم الاجتماعية وغيرها·
منصور زيدان- دبي