الجديد في قضية الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى) كتاب يحمل عنوان ''الجزر الثلاث المحتلة لدولة الإمارات العربية المتحدة'' نشره مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية قبل يومين، والذي جاء متزامناً مع الذكرى الرابعة والثلاثين لاحتلال إيران للجزر الإماراتية، ففي 30 من نوفمبر من عام 1971 احتلت إيران الجزر الإماراتية ولا زالت -إيران- حتى يومنا الحاضر ترفض دعوة دولة الإمارات العربية المتحدة بإحالة ملف القضية إلى محكمة العدل الدولية، ليتم البت فيها·
أعتقد أن ''كتاب الجزر'' -هكذا يطلق عليه اختصاراً- جاء ليسد ثغرة ضمن الجهود السلمية التي تقوم بها دولة الإمارات من أجل استعادة جزرها المحتلة، فقد كانت تنقص تلك الجهود الدبلوماسية الهادئة على المستويات الرسمية جهود إعلامية بحثية موثقة لتعريف الرأي العام العربي والعالمي بعدالة قضيتنا ومشروعية مطالبنا في هذه الجزر بحيث تكون تلك الجهود مدعومة بالوثائق التاريخية والقانونية لمخاطبة الرأي العام العربي والعالمي، وقد استطاع ''كتاب الجزر'' أن يغطي هذا الجانب ويوضح وجهة النظر الإماراتية في القضية ليس للرأي العام العالمي بل والرأي العام الإيراني أيضاً·
لا يختلف اثنان على أن دولة الإمارات استطاعت من خلال مساعيها أن تحصل على دعم دبلوماسي وسياسي رسمي إقليمي ودولي، إلا أنه لابد من جهد للحصول مقابل ذلك على تأييد من الرأي العام العالمي بنفس حجم الدعم الذي تحقق على المستوى الرسمي، ولعل السبب في محدودية اهتمام الرأي العام يعود لغياب التوعية الإعلامية بالقضية، وهذه نتيجة طبيعية· وبلاشك فإن، صدور ''كتاب الجزر'' أمس إنما يهيئ لأن تحصل الإمارات على تعاطف كبير -يوازي حجم الدعم الدبلوماسي- من الرأي العام الدولي تجاه قضيته·
كتب الكثير -خلال العقود الثلاثة الماضية- حول احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث، ويصنف كتاب ''الجزر الثلاث المحتلة لدولة الإمارات العربية المتحدة'' ضمن موجة تلك الكتب التي تناولت القضية، ولكن في حقيقة الأمر فإن الكتاب الجديد، يختلف عن كل ما سبقه من حيث منهجية الكتابة، فهو لا يعتمد فقط على إبراز الوثائق بشكل مباشر ولكنه يسردها بشكل جذاب وبلغة علمية سهلة بل إن تسليطه الضوء على القضية بهذا الزخم يجعل منه مرجعاً للقضية· كما يختلف الكتاب عن المؤلفات السابقة حول القضية من حيث الهدف، فصدوره بلغتين -العربية والإنجليزية- والملخصات بخمس لغات، يضمن التعريف بالحقوق الإماراتية لأكبر شريحة من الرأي العام العالمي وهو ما يفتح المجال للحصول على دعم خارج الإطار السياسي، أي دعم من قبل المثقفين والرأي العام وهو دعم معنوي لدولة الإمارات، وهو -بالطبع- دعم لا يمكن بأي حال من الأحوال التقليل من أهميته بجانب الجهود الرسمية·
وإذا كان ''كتاب الجزر'' يشكل دعوة صريحة ومكشوفة من أجل الدفاع عن حق الإمارات التاريخي في جزرها ويعري في الوقت نفسه الادعاءات الإيرانية بالمعلومات والوثائق والآراء القانونية، فإنه من جانب آخر يبرز الدور الوطني -الذي عرفناه- عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، خاصة في هذا الملف·
لا أشك بأن كتاب ''الجزر الثلاث المحتلة'' سيعيد -إعلاميا على الأقل- فتح ملفي الاحتلال الإيراني للجزر وملف العلاقات الإماراتية- الإيرانية: فبالنسبة للملف الأول، ستتعزز جهود دولة الإمارات وتحصل مساعيها السلمية الرامية لاستعادة جزرها المحتلة على قوة دفع في مخاطبة الرأي العام العالمي، وربما من هنا جاءت فكرة تأليف كتاب شامل يعرف بحقوق الإمارات في الجزر· أما بالنسبة للملف الثاني، فالمؤكد أن الكتاب يضيف ضغوطا معنوية أو هكذا يفترض على الدبلوماسية الإيرانية من أجل أن تتحرك باتجاه التسوية السلمية والتجاوب مع الجهود الإماراتية في هذا الإطار إذا كانت حريصة فعلا عن ترجمة ما تقوله بشأن الحرص على الأمن والاستقرار الإقليمي وعلاقات حسن الجوار·