مع دخول فصل الصيف، يبدأ تفكير الأسر المواطنة بقضاء "صيف بارد" في إحدى الدول الأوروبية أو الشرق آسيوية أو إحدى الدول العربية، ومن ضمن تلك الاستعدادات، إن لم يكن الأبرز، التفكير في الحصول على قرض مالي سهل وبسيط وبمزايا جيدة. وعلى سبيل المثال تلك العروض التي بدأت تنتشر في الصحف المحلية وشوارع مدينة أبوظبي تعلن عن "صفر% فائدة"، فهذا الوقت من السنة يعتبر موسما بالنسبة إلى البنوك العاملة بالدولة فهي تستغل هذا الوقت من السنة لتقدم عروضها للقرض بطرق كثيرة وملتوية وأحيانا كثيرة تتجاوز فيه الحد المسموح لها بتقديم القروض للمواطنين، الذي يعجز المقترض فيما بعد عن الالتزام بتسديد الالتزامات المالية التي عليه للبنك، وتبدأ رحلة جديدة للمقترض، ولكن هذه المرة إلى المحاكم.
ويطرح الرقم المنشور لحجم إنفاق مواطني ومقيمي دولة الإمارات على السياحة في الخارج خلال العام الماضي والذي بلغ 4.9 مليار دولار (18 مليار درهم) بزيادة 10% مقارنة مع حجم الإنفاق على السياحة الخارجية في العام 2003، تساؤلات كثيرة وعلامات استفهام عديدة حول الجهود المبذولة من أجل تطوير وتنشيط السياحة الداخلية بالدولة، وحول دور الإعلام المحلي في تكريس السياحة الخارجية من خلال نشر إعلانات عن السياحة الخارجية، مع التهميش والغياب شبه الكاملين عن إبراز إمكانيات السياحة الداخلية بالدولة. فقد سجل تقرير لمؤسسة البحوث والاستشارات في دبي 2.86 مليون رحلة عام 2004 لمسافرين من الإمارات إلى الخارج بغرض السياحة، وهناك تساؤلات أيضا حول تمويل المواطنين خاصة ذوي الدخل المحدود للرحلات السياحية، كما أن هناك جزءا كبيرا منها يكون عبارة عن قروض شخصية من البنوك.
يبدأ التخطيط السليم لكيفية قضاء رحلة استجمام خارج الدولة، بمعرفة الأسرة لمقدرتها المالية وكيفية استفادتها من العروض السياحية لمكاتب السياحة والقروض التي تقدمها البنوك، فلا يقتصر الأمر على اختيار المكان لقضاء الإجازة وحزم الحقائب وتدبير سيولة مالية فقط، لأن التخطيط المدروس يضمن الراحة النفسية بعد العودة من الإجازة، ومعظم القابعين في السجون والملاحقين ماليا من البنوك لم يخططوا لرحلاتهم الصيفية بشكل سليم، وبالتالي تبدأ عادة رحلة معاناتهم بعد عودتهم من قضاء إجازة "صيف بارد" خارج الدولة. إن الرابط بين السياحة والقروض الشخصية ينطلق من اعتبارات متعلقة بالعروض التي تقدمها البنوك الآن مستغلة "لهفة" الناس إلى الهروب من شدة حرارة الطقس بالدولة، وما يمكن أن تخلفه العروض من آثار سلبية على المقترضين أنفسهم تؤدي إلى عجز المقترض عن سداد قرضه، وبالتالي ينقلب "الشتاء حارا" في دولة الإمارات بالنسبة إلى المقترض، وربما ينتهي به الأمر إلى الانتقال إلى المحاكم، هذا إذا لم تكن النهاية السجن. وخطورة الأمر الذي أوصل الكثيرين إلى السجون تحتاج إلى وقفة واعية ومسؤولة من الجميع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية