استغربت لذلك القرار الذى اتخذه قادة حركة "كفاية" المصرية، بدعوة أعضائها ومريديها "لكنس السيدة زينب"، وهو لمن لا يعرف تعبير مستمد من الفولكلور المصري يرمز إلى نذر العاجز قليل الحيلة ضد القوي حين لا يستطيع له غلبةً، يأساً منه وقلة حيلة، فالسيدة زينب في الموروث الثقافي المصري هي أم العواجز.
ما أثار استغرابي أيضاً أنها المرة الأولى التي تلجأ فيها قوى سياسية أياً كان الظلم الذي وقع عليها، إلى الخرافة كي تتقرب من الشعب فحركة: "كفاية" في أساسها لا تحظى بدعم عامة الشعب، ولا شك أن "المظاهرات الفضائية"،- نسبةً إلى الفضائيات-، أعطت لأعضائها بُعداً إعلامياً ودعايةً كانوا في حاجة إليها. لكني لا أشك أن الخبرة السياسية الهشة للحركة طرحت في النهاية ذلك الإفراز الذي كان يحاول الاقتراب من الشعب، فابتعد عنه ووقع في انحطاط غير مسبوق بهكذا قرار يُنم عن اعتماد الخرافة كبرنامج مستقبلي له.
لا أتهم حركة "كفاية" بأنها ألعوبة في يد أحد يحركها حيث شاء، لكن مشكلة أعضائها أنهم قدموا أنفسهم كممثلين لنضال الشعب المصري من أجل الديمقراطية معتبرين أن اسم "كفاية" هو شعار المرحلة القادمة متناسين أن هذا الاسم نفسه قد سبق استعماله من قبل بعض الأجنحة الراديكالية في الحركة العالمية لمناهضة الرأسمالية بأميركا اللاتينية "BASTA" إعلاناً عن غضبهم في استمرار الأوضاع الخاطئة هناك. ولعل الشعار أغراهم فاستوردوه. وحين جد الجد وأصبح الإسم على كل لسان، ورمزاً لأمل شعبي في الديمقراطية المفقودة، شرعت تلك النخبة في العبث وظهروا بمظهر مجاذيب السيدة؛ فأي قدر من الانحطاط السياسي واللامبالاة بنضال الشعب وصلنا إليه؟ وما الحل إذا كانت نخبة المعارضة نفسها تستورد شعارات النضال وتنزل لـ"تكنس السيدة" لاهيةً ولاعبةً على الشعب؟.
شهاب المصري- دبي