في مقاله المنشور على صفحات "وجهات نظر" يوم الثلاثاء الماضي 21-6-2005، تناول الكاتب والمفكر المغربي محمد عابد الجابري موضوع الإصلاح في المجتمعات العربية ومعانيه المستترة، حيث أشار إلى نقطة مهمة، كثيرا ما يتم إغفالها في لجة الحديث عن ضرورة المبادرة بإصلاح الأوضاع المتردية والخروج من حالة التخلف الجاثمة على الأنفس والعقول. وغالبا ما يتم حصر حديث الإصلاح في أمور السياسة وشؤونها كالحاجة إلى تنظيم الانتخابات وإفساح المجال أمام الفئات الشعبية العريضة للإدلاء بصوتها، ثم تأمين الحراك الاجتماعي عبر تداول السلطة بين مختلف القوى السياسية.
لكن تبقى أهم نقطة في مسألة الإصلاح هي تغيير العقليات والثقافة السائدة التي تشجع على استمرار قيم الطاعة والخضوع وعدم طرح الأسئلة. كما أن الإصلاح ليس مجرد عملية تقنية ترمي إلى إتاحة فرصة للمواطن للمشاركة في صنع القرار السياسي عبر صناديق الاقتراع، بل إن الإصلاح فلسفة ذات أبعاد متعددة، تتوخى قبل كل شيء رفع الإحساس بالغبن والحيف اللذين يسيطران على الكثير من الشباب. ولن يتم ذلك إلا بعد استكمال كافة جوانب الإصلاح التي تمس ليس فقط الأمور السياسية بل تطال أيضا الجوانب الإدارية والاجتماعية والثقافية وغيرها.
فمن دون الإصلاح الإداري ستبقى المحسوبية هي السائدة في التوظيف وقضاء مصالح الناس، كما أنه من دون إصلاح اجتماعي يكفل للمواطن الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة التي تمكنه من الحياة بكرامة ستستحيل حياته إلى جحيم. وربما يكون هذا ما عناه الجابري من مقاله عن العدالة الاجتماعية وهي أن يعيش الإنسان بكرامة بعيدا عن تجبر رجال السلطة. لأن مثل تلك الحياة لن تولد سوى إحساس قاهر بالغبن والظلم سرعان ما سينفجر في وجه الجميع.
مراد بن عبد الله- الدار البيضاء- المغرب