قبل أيام جرت الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الإيرانية، وقد تنافس فيها سبعة مرشحين هم من وافق مجلس تشخيص مصلحة النظام على ترشحهم، وقد أخذ العالم يعمل على تصنيفهم بين "إصلاحي" و"محافظ"، وهم في النهاية ينتمون إلى المدرسة نفسها والمؤسسة ذاتها التي تحكم الدولة الإيرانية. حديثنا يتركّز على التسويق الكبير لإظهار إيران دولة ديمقراطية لا تحتاج إلى دعوات الإصلاح الأميركية.
هذه الديمقراطية المزعومة ليست سوى ديمقراطية شكلية خالية من أية مضامين حقيقية لمعنى الديمقراطية، وبالتالي فهي أشبه ما تكون بالمسرحية التي تُمثل على جمهور المتفرجين، وأحياناً، المشاركين، ومن ثمّ يراد لهم ولنا أن نصدق بأنها حقيقة وواقع.
كيف تكون الديمقراطية – وهي حكم الشعب – حقيقة في بلد يخضع بشكل كامل لحكم الفرد المطلق، حيث تمثـّل ولاية الفقيه أعلى سلطة دينية وزمنية تقرر ما تشاء، وتلغي ما تريد؟ ألم يختر الشعب الإيراني بملايين الأصوات وعلى مدى دورتين متتاليتين الرئيس الإيراني محمد خاتمي، وهو ابن المؤسسة الحاكمة وليس بعيداً عنها، أو دخيلاً عليها، على أمل إجراء بعض الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي تضع حداً لأزمة الفقر والبطالة في بلد يمتاز بإنتاجه للنفط، فاصطدم الرئيس المنتخب على مدى ثمانية أعوام بما كانت تقرره المرجعية وولاية الفقيه؟ ألم يفشل في مشروعه الإصلاحي الذي انتخب على أساسه من هذه الملايين التي رأت فيه المنقذ لما هي فيه، نتيجة قرارات فردية؟ وإذا كان هذا حال ابن المؤسسة، فما بالكم بمن هو من خارجها؟ ثمّ كيف يمكن أن نصدّق أن الديمقراطية حقيقية، ولا تتاح فرصة الترشح إلا لمن تراه المؤسسة الدينية الحاكمة لصيقاً بها، عاملاً على تحقيق أهدافها، وبالوسائل والأساليب التي تراها هي لا تلك التي يراها هو. انتخابات إيران هي أقرب إلى ديمقراطية الشكل وديكتاتورية المضمون، فهل يعي أولو الأمر ذلك؟ أم أن مشاهد بغداد قد تتكرر في طهران يوماً؟ نأمل الإصلاح والتصحيح قبل فوات الأوان.
وائل نجم- بيروت