بلغة مفعمة بالأدب والانفعال والمشاعر الجياشة, وتحت عنوان "قبل أن يدمع الفؤاد... قبل أن يوأد الفرح" كتب الدكتور علي الشعيبي, يوم الأربعاء 15 يونيو الجاري مقالاً في "وجهات نظر", حلل فيه مخاطر أيديولوجية الاستهلاك ودور الإعلان – لا سيما التلفزيوني منه- في تعزيز وهم السعادة ونزعة الاستهلاك المدمرة لحياة الأفراد والمجتمعات. ضمن ذلك وفي سياقه, ناقش الكاتب الدور التخريبي الخطير الذي تلعبه الشركات ومؤسسات الرأسمالية العالمية العابرة للقارات, في حياة مجتمعات ودول العالم الثالث, التي منها الدول العربية, والدول الخليجية الغنية بالنفط ورؤوس الأموال.
أتفق مع الدكتور علي الشعيبي, في تناوله لهذا الدور التخريبي – بما في ذلك إشارته إلى تعزيز النزعة الفردية وتضخيمها لدى الأفراد, وسلب المواطن مشاعر الانتماء الجماعي وغيرته على الوطن- لا شك أن مقال الدكتور صرخة مدوية ومقدرة في وجه غول الاستهلاك وطغيانه المدمر, وهو بعض الدور التنويري التوعوي الذي يقع على عاتق المثقف والمفكر. ولكن ماذا يفيد التحسر والأسى والنحيب, إن كان الدكتور نفسه ممن يختتمون خطاب المثقف بإعلان "الكفر الصريح بصناع السياسة وتجار الأسلحة وبائعي الوهم"؟ وما يهم التعليق على أفراد هذه الفئة الأخيرة هم "صناع السياسة" الذين لا يفيد "إعلان الكفر" بهم وحده في تغيير هذا الواقع, وبناء المصدات اللازمة أمام زحف الغول. ومهما صرخ المثقفون, فإن صراخهم لن يتحول إلى طاقة فاعلة ومؤثرة في تغيير الواقع نحو الأفضل, إلا في اللحظة التي يحولون فيها طاقة الصراخ إلى فعل وممارسة سياسية فكرية, ضد أيديولوجية الغول وسياساته ومؤسساته الطاغية. ولن "تتجه بوصلة الأفراد" إلى خدمة الوطن والصالح العام, إلا بغرس المزيد والمزيد من الوعي الهادف إلى بناء المؤسسات والمنظمات الاجتماعية المناهضة لتيار الغول الجارف, ومنظومته السياسية الفكرية الاقتصادية.
إنها صرخة مدوية, ولكنها بحاجة إلى المزيد من النشاط والفعل الإيجابي الصبور.
محمد خلف- العين