في مقاله "الهاجس الأمني ومستقبل الطاقة النووية"، المنشور يوم أمس الأحد، سلط "جيفري كمب"، وهو رئيس البرامج الاستراتيجية بمركز نيكسون، الضوء على المحاذير والمخاوف المرتبطة بزيادة الاعتماد على مفاعلات الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء. لكن ما لفت انتباهي أن الكاتب عرض لحجم الخطر الذي قد تتعرض له البشرية جراء استخدام الوقود الأحفوري كالفحم والنفط، في حين طرح أمثلة لبلدان تعتمد بشكل متزايد على الطاقة النووية كفرنسا، دون أن يوضح حجم الدمار الذي قد يلحق بالبيئة جراء تسرب الاشعاعات النووية من هذه المفاعلات، وهو تسرب تمتد آثاره السلبية لعقود طويلة وتطال أجيالاً بشرية عدة.
وعلى رغم أن الكاتب ذكر كارثة "تشرنوبيل"، فإنه لم يطرح أدوات من خلالها يمكن لوكالة الطاقة الذرية اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لتأمين مفاعلات إنتاج الطاقة، لأن البشرية ستتحمل عواقب وخيمة في حال تسرب إشعاعات نووية من هذه المفاعلات. صحيح أن استهلاك الفحم والنفط ومشتقاته يلحق الضرر بالبيئة ويساهم في تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، لكن هذا الضرر يمكن احتواؤه عبر ترشيد الاستهلاك والحفاظ على الغابات والمساحات الخضراء التي تمتص ثاني أكسيد الكربون. أما الاشعاعات التي يمكن أن تتسرب من مفاعلات الطاقة النووية، فيصعب الهروب من تداعياتها، خاصة إذا كانت قريبة من تجمعات مدنية ضخمة، كما أن طرق الوقاية منها تحتاج إلى تجهيزات مكلفة جداً ويصعب على كثير من الدول النامية حيازتها، ما يعني أن الوقود الأحفوري لا يزال حتى الآن هو الأكثر أمناً.
مصطفى العزبي- دبي