سيعمل غلاة القوميين الإسرائيليين على إغلاق أبواب تسوية الصراع العربي- الإسرائيلي، فهم يرون أن إسرائيل الكاملة تمتد على مدى الهلال الخصيب تقريباً، بحيث لا تقول إسرائيل أين تقف، وبخاصة أن دول هذا الهلال ذات نفط كثير، وماء غزير، وعلى هذا فإن الحدود الموعودة تمتد إلى جنوبي تركيا وعبر الأردن، ومن جملتها سيناء، ولبنان وسوريا وهضبة الجولان ولاسرائيل أن تحتلها وتستعمرها. وعلى هذا فإن الحروب التي شنتها إسرائيل على الدول العربية بقصد احتلالها واستعمارها بالاستيطان. وهكذا أوجدت إسرائيل بمعاونة الإدارة الأميركية الحالية خطة للتوسع في الأراضي التي ما زالت في أيدي الغير –في نظر إسرائيل- ، وبخاصة ديار القبائل الإسرائيلية المزعومة عبر الأردن. ومن هنا جاءت خطة أرييل شارون أن يسكن الشعب الفلسطيني المهاجر في هذه المنطقة.
وغلاة القوميين يرفضون أي اتفاقية رسمية للتنازل عن الضفة الشرقية للأردن، فهم يخططون لسكن الشعب الفلسطيني على اعتبار أنه في أرضه ووطنه.
ولهذا يمكن القول إن حدود أرض إسرائيل المزعومة تضم لبنان حتى طرابلس، وسوريا، وسيناء، وقسماً من العراق وقسماً من دولة الكويت، حتى أن حركة "غوش أيمونيم" شكلت منظمة أسمتها "شفوت سيناي- أي العودة إلى سيناء"، وهؤلاء الغلاة يشعرون بتنازل مؤلم حينما يتذكرون سيناء ولبنان. فمهمة هذا الجيل هي بسط السيطرة اليهودية على مناطق يهودا والسامرة (أي الضفة الغربية) وقطاع غزة والجولان، بقصد تحقيق غاية الصهيونية بالاستيطان، وهكذا يعود ملكوت إسرائيل إلى بعض الأرض التي يحلم بها هؤلاء الغلاة، وليس شمعون بيريز في حكومة الليكود التي صوت غلاة غوش أيمونيم لها، وهم سكان مستعمرة "كريات أربع"، الذين وصفوا تحرير لبنان من قبل المقاومة اللبنانية بقولهم إن من خان القسم الجنوبي من "أرض إسرائيل" لن يتحلّى بالعزم الخلقي على احتلال القسم الشمالي. ويعني هذا اجتناب الشعارات المتطرفة التي تستعدي بعض الإسرائيليين، وتحول دون قيام إجماع مؤيد للسيادة اليهودية على جميع "أرض إسرائيل" كهدف من أهداف السلام الصهيوني.
ويذهب هؤلاء الغلاة إلى اعتبار لبنان، كالجولان، جزءاً من "أرض إسرائيل"، بالرغم من اتسام الحرب على لبنان بالاعتداء وبنفور من المجتمع الإسرائيلي بعد أن تقدمت فيه حركة الاستيطان ومحاولة حكومة مناحيم بيغن فرض الحدود الجديدة، لهذا اعتبر هؤلاء الغلاة الصهيونيون مستعمرة "يميت" في صحراء سيناء ولّت أيامها إلى غير رجعة. وكان بيغن يؤمن أن توحد المجتمع الإسرائيلي سيعجل خلاص البشر جميعاً. ويرفض هؤلاء الغلاة فكرة "التراث اليهودي- المسيحي" الذي" شارك اليهود في تكوين قاعدة الحضارة الغربية، حيث عوملوا من قبل المجتمعات الغربية معاملة الأهل وعناصر رئيسية في تلك المجتمعات بالرغم من "الهولوكست". وكل من لم يحمل هذه الأفكار أو بعضها عد في نظر هؤلاء الغلاة من "الخونة" أو "الطابور الخامس" أو "الانحطاط الروحي"، أو من أنصار "حزب العمل" الذي تحول بانضمامه إلى الليكود إلى حزب يساري طالما أنه يؤيد إنشاء دولة فلسطينية على "أرض فلسطين". وهذا في نظرهم، تخلٍ عن بعض "أرض فلسطين" في حين أن هؤلاء الغلاة ينشدون تخفيض مستوى المعيشة في إسرائيل، بالاستغناء عن بعض المساعدات الأميركية، والاكتفاء بمكافحة "الإرهاب"، وقدرة إسرائيل العسكرية على فرض الخطة الأميركية الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا وجامعة الدول العربية. وليس من الضروري الإشارة إلى أن علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة الأميركية علاقة استعمارية.
ولهذا فإن خطة شارون بالانسحاب من قطاع غزة تدخل في إطار رغبة المجتمع الإسرائيلي في استعمار الضفة الغربية والتوطن فيها، وإذا كان شارون يفعل ذلك فإنه ينوي المساومة على مدينة القدس من الأراضي المحتلة بعدوان يونيو 1967. وهي في نظر تلك القرارات تعتبر من الأراضي المحتلة.
وشارون رجل السلام الأميركي يريد استعمار الضفة الغربية وإكمال بناء مستعمرة "معالية أدوميم"، مقابل انسحابه من قطاع غزة في حوالي منتصف أغسطس. ولم تعد تجدي الانهيارات والاستعمارات بعد انتفاضة الشعب الفلسطيني في 28/9/2000، وهذا ما آمن به الشعب الفلسطيني المناضل دون بقية الشعوب العربية والإسلامية، ونيابة عنها.