إن الذي يتابع مقالات السيد حازم صاغية لابد أن تصيبه المفاجأة والحيرة، بل قل الصدمة، من مقالة صاغية التي نشرت على هذه الصفحات تحت عنوان "تفاؤل في غير محله: تجارب أفريقية"، يوم السبت الـ11 من الشهر الجاري. وإذا كانت المقالة تتعلق أساساً بـ"تجارب أفريقية" وليست عربية، حيث تناول كاتبها حالة نيجيريا كنموذج للاستعصاء على التحول نحو الحداثة ونظام "الدولة- الأمة" وفكرة الاندماج الوطني وقيام "السياسي" بمعزل عن مجالي "الديني" و"الاجتماعي"، فإن إشارته السريعة في مطلع المقال، ثم مرة أخرى في الأسطر الأخيرة منه، إلى العالم العربي، تدل على أن الكاتب يرى وجود رابط موضوعي يسمح بسحب استنتاجه حول تعذر التحول من التقليدية إلى التحديث في أفريقيا على الحالة العربية التي شابها أيضاً تعثر ملحوظ في هذه السبيل!
وحين يتحدث صاغية عن "الصدمة الأفريقية الكبرى" الناجمة عن صعوبات الانتقال والتحول في القارة السمراء منذ نهاية العهد الكولونيالي في ستينيات القرن الماضي، إنما يريد بذلك أن يحذر علنا من أن "التفاؤل المبالغ فيه إبان المراحل الانتقالية هو ما يعوزه بعض التحفظ والتدقيق، في أفريقيا كما في العالم العربي، وفي الستينيات كما الآن"!
لكن مع تأكيدنا على تباين الشروط التاريخية لحالات مختلفة في الزمان والمكان، وما يستتبعه ذلك من تباين في التوقعات والنتائج وأنماط التفاعلات، فلا زلنا حتى اللحظة نستشعر تفاؤلاً حقيقيا بمرحلة التحول الحالية في عالمنا العربي، وقد كانت مقدمته الأساسية حرب العراق الأخيرة التي اعتبرها معنا صاغية، في حينه، فجر عهد جديد للحرية والتحضر والديمقراطية والليبرالية والتنوير.
وفوق هذا وذاك، فنحن أساساً بحاجة إلى من يثمن التفاؤل، بمسؤولية، وينمي سيكولوجية الأمل الخلاق، بوعي وإخلاص... لا إلى من لا يرى من الحاضر، على ما له وعليه، سوى عتمة التخلف وانحرافات التاريخ العابرة، ليلعنهما لعنا وكفى!!
نادر المؤيد- أبوظبي