تحت عنوان "نحن بحاجة للحديث مع كوريا الشمالية" نشرت "وجهات نظر" يوم الأحد 12 يونيو, مقالاً لمساعدة وزير الخارجية الأميركية السابقة سوزان رايس تتحدث فيه عن ضرورة إقناع واشنطن لكوريا الشمالية, بالتخلي عن برنامجها النووي, نظراً لما يمثله هذا البرنامج من خطر داهم ومباشر على الأمن القومي الأميركي, بحكم واقع الفقر الذي تعانيه كوريا الشمالية, ومن ثم إمكان تسرب بعض ما لديها من مواد وأسلحة نووية, للقوى المعادية لأميركا, كتنظيم "القاعدة". فعلى الرغم مما يبدو من منطق وصحة ظاهرية في كل هذا التحليل, إلا أنه يخفي وراءه منطق "دفن الرؤوس في الرمال" والتعامي عن حقائق الواقع وتجاهلها, بل تحويل هذا السلوك إلى سياسات, لن تكون نتيجتها النهائية سوى جلب المزيد من الخطر والدمار إلى أميركا قبل غيرها. فأن تعمل أميركا على تطوير أسلحة ذكية وجيل جديد من الأسلحة النووية, ثم تغض الطرف عن دول نووية, طورت قدراتها النووية سراً, مثلما تفعل بيونج يانج وإسرائيل, ثم تشد الحبل على دول أخرى, وتلح على ضرورة تفكيك برامجها النووية طوعاً أو إكراهاً, إنما يصب ذلك في نهاية الأمر في تأجيج نار الكراهية والعداء لواشنطن, والسعي لإيذائها بشتى الوسائل والسبل.
وإن كانت واشنطن جادة حقاً في تعزيز أمنها القومي, فلتبدأ بالحديث إلى نفسها أولاً, قبل أن تتجه نحو الآخرين. وفي خطوة كهذه تستهدف مراجعة الذات, وتصحيح السياسات والتناقضات القائمة في السياسة الخارجية الأميركية, ما يشير إلى جدية أميركية مطلوبة, بل ولازمة, لتحسين صورة واشنطن داخلياً وخارجياً, ورد الاعتبار إلى مصداقيتها التي لن تستطيع من دونها قيادة العالم, وهي آمنة مطمئنة على سلامة أمنها القومي. لذا فقد كان الأولى بالكاتبة أن تدعو واشنطن إلى إدارة حوار داخلي صريح وأمين مع الذات حول الأسلحة النووية, قبل تكبد مشاق السفر والرحيل إلى بيونج يانج.
عماد أحمد بشير- الدوحة- قطر