قرأت بنهم مقالة الكاتب السيد ياسين، "إشكالية الهوية في عصر العولمة"، المنشورة في "وجهات نظر" يوم الخميس الماضي، وأعتقد أن الكاتب ألمَّ بكافة جوانب القضية الشائكة المتعلقة بالهوية الإنسانية لبعض الشعوب، ومن ضمنها الشعوب العربية التي تاهت تحت لواء الهوية الإسلامية لتطلق العنان لعدد كبير من المنظرين للعب في مفهوم الهوية الإسلامية وأهميته على حساب الهوية العربية المعاصرة.
وللإيضاح أرى أن ثمة مصطلحين منفصلين عن بعضهما بعضاً كانفصال الخبيث عن الطيب. فالمصطلح الأول هو "الهوية الإسلامية" وهو مصطلح فضفاض ليس له حدود. وهو شائك لا يمكن أن يتساوى مع المفاهيم العصرية لمصطلح الهوية بصورة عامة. فالأمة الإسلامية يجمعها دين وعقيدة وكتاب سماوي لا يختلف عليه أحد. أما الأمة العربية فتتفرق عند هذه النقطة. فإن ذكرنا الهوية الإسلامية بات المسيحي و"اللاديني" بعيداً عن الانتماء للوطن وللعروبة، وهو ظلم لكلا الجانبين، للوطن وللشخص. لهذا وجب الحديث عن مصطلح منفصل تماماً عن مصطلح الهوية الإسلامية، وهو مصطلح الهوية العربية كي نتفادى الوقوع في خطأ أمم كثيرة خلطت بين الهوية الدينية والهوية القومية أو الهوية الأممية، فضاعت عند أول منعطف للطريق.
لقد كان السلف من أجدادنا يؤكدون على موضوع الهوية الوطنية القومية والأممية، ويدعون الجميع للتمسك بها حفاظاً على مبادئ راسخة رسوخ الجبال. واليوم تحيط بنا عواصف الأفكار البالية المدمرة دونما إدراك لخطورتها علينا وعلى الجيل القادم من أبنائنا وأحفادنا.
خطورة الخلط بين الهوية الإسلامية والهوية الوطنية بين لمن تمتع بالعقل والفكر السليم، وهو لا يحتاج للوقوف ملياً، وعقد المحاضرات والندوات، ولكننا مجبرون في زمن كثر فيه الجهل والجهلاء أن ندعو ذوي العلم منا إلى عقد مثل هذه الندوات التوضيحية المبسطة كي لا يختلط الأمر طويلاً على العرب ويصبح الخطأ هو الصواب والعكس.
مثقال فريحات- الأردن