قرأت المقال الذي كتبه توماس فريدمان يوم 4 يونيو الجاري في "وجهات نظر" وعنوانه "أوروبا والهند... ومباراة السباق إلى القمة". وأحب أن أقول للكاتب إنه قارن بين عالمين لا وجه للمقارنة بينهما. فالهند التي يعجب السيد فريدمان بطموح فئات واسعة من شبابها المهندسين وبنهضتها الرقمية في بانغالور، ما زالت مئات الملايين من سكانها تحت خط الفقر، وما زال يلزمها الكثير من الوقت لبناء أسس مجتمع صناعي. وإذا كانت الجزيرة الرقمية الصغيرة في بانغالور قد أعجبت فريدمان إلى هذا الحد، ما جعل حكمه على الهند كلها مبنيا على ما حققته، فليعلم أن مجتمع الرفاه الراسخ القائم بأوروبا ليس مجرد جزيرة في عالم فقير جداً، وإنما هو القاعدة العامة في الدول الأوروبية. وأعتقد أن سبب إطراء فريدمان للهند هو محاولة تسويق ثقافة "الجزيرة المتقدمة" وسط عالم فقير جدا، باعتبارها بديلا للتنمية المتوازية التي ينال من ثمارها الجميع. هو يريد لأثرياء ونخب أي مجتمع أن يخلقوا لأنفسهم عالما مصمتا عليهم منعزلا عما يحيط بهم من معاناة، وبعد ذلك ليمت من يمت. ومثل هذا العالم غير موجود في أوروبا. وإن كان موجوداً في أميركا باعتراف فريدمان نفسه، حيث عشرات الملايين من الفقراء الأميركيين يعانون الفقر والتشرد، وحيث ربع سجناء العالم في دولة لا يزيد سكانها على 5% من سكان العالم. هذا ما كان على فريدمان التنبه له بدل الضحك على ذقون الهنود أو التقليل من شأن المشروع الأوروبي الملهم.
فؤاد بيومي - دبي