في الثالث عشر من شهر مارس الماضي، صوت مجلس الوزراء الإسرائيلي على إنشاء لجنة حكومية مهمتها تقديم مقترح يحدد الإجراءات التي يتوجب اتخاذها بشأن المستعمرات غير القانونية خلال 90 يوما. والحادي عشر من الشهر الحالي هو اليوم الذي يوافق نهاية هذه الفترة ومع ذلك فليس هناك أثر لأي مقترح.
واللجنة الوزارية المؤقتة التي تم تأسيسها للمساعدة على تنفيذ بنود التقرير الحكومي المقدم من المحامية الإسرائيلية "تاليا ساسون" والذي كان مجلس الوزراء قد وافق عليه، أثبتت فعلا أن ما توقعه المتشككون بشأنها من أنها ستكون لجنة دفن، أكثر منها لجنة مساعدة على التغيير، كان صحيحا.
لسوء الحظ، أن مشكلة المستعمرات غير القانونية تواصل تفاقمها، ويتواصل معها الخروج على القانون والتواطؤ الحكومي الذي جعلها ممكنة في الأساس. وإنني في مقالي هذا أدعو رئيس الوزراء آرييل شارون، من أجل المحافظة على الديمقراطية الإسرائيلية، ومن أجل إبقاء آمال السلام حية، أن يقوم فورا بتنفيذ توصيات تقرير ساسون.
والمستوطنات غير القانونية كما هو معروف هي المستوطنات التي تم بناؤها دون الحصول على موافقة قانونية مسبقة من الحكومة الإسرائيلية. ويقدر "مشروع مراقبة المستوطنات" التابع لـ"لمنظمة السلام الآن" أن هناك 120 مستعمرة غير قانونية قد بُنيتْ على مدى عدة سنوات، وأن هناك 100 مستوطنة منها يسكنها 1.500 شخص لا تزال قائمة حتى تاريخه.
ووفقا لخريطة السلام التي ترعاها الولايات المتحدة، والتي وقع عليها الإسرائيليون والفلسطينيون، يتعين على إسرائيل القيام فورا بتفكيك المستوطنات غير الشرعية المقامة بعد مارس 2001. وقد قام رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون بإعطاء كلمة للرئيس بوش تعهد فيها بإزالة كافة المستوطنات غير القانونية في الاجتماع الذي ضمهما في مزرعة الأخير في كراوفورد في الحادي عشر من إبريل الماضي.
وعلى الرغم من قيام إسرائيل بتفكيك عدد قليل من تلك المستوطنات (وهي غير مأهولة) فإن معظم المستوطنات المأهولة والتي كان يجب إخلاؤها ظلت قائمة ولم تمس. وتقول "ساسون" في التقرير الذي قدمته إنها لا تعتقد أنها قد حصلت على معلومات كاملة بشأن تلك المستوطنات من كافة الأجهزة الحكومية، وبالتالي فإنها لا تعرف عدد المستوطنات التي تم بناؤها، بشكل يقيني. فالتقرير الرسمي الإسرائيلي عن عدد المستوطنات غير القانونية، يحدد تلك المستوطنات بأنها 24 مستوطنة في حين أن الرقم الذي تقدمه حكومة الولايات المتحدة الأميركية هو 80 مستوطنة.
وعدم رغبة إسرائيل في التعامل مع هذه المشكلة لا يمثل تهديدا لعملية السلام ولمصداقية إسرائيل فحسب، ولكنه يمثل تهديدا للديمقراطية وحكم القانون في إسرائيل.
وقد أدرجت "ساسون" في تقريرها أن الكثير من المستوطنات غير القانونية – ما يزيد على نصفها تم بناؤه على أراضٍ غير تابعة للدولة- قد أقيمت بمعاونة وزارات حكومية عدة.
وتقول "ساسون" في هذا السياق:"على ما يبدو أن الخروج على القانون قد أصبح إجراءً مؤسسياً في إسرائيل".
وقد قام قسم المستوطنات في المنظمة الصهيونية العالمية بتأسيس مستوطنات دون تفويض سياسي بذلك. كما قامت وزارة الإسكان الإسرائيلية بالمساعدة على توفير التمويل اللازم لإنشاء البنية التحتية، وبناء المباني، بحجة أنها تقدم تمويلا لبناء ضواحٍ جديدة في مستعمرات قديمة. كما تبين أن مساعد وزير الدفاع لشؤون المستوطنات "رون شاكنر" قد قام بكتابة عدة رسائل إلى قسم المستوطنات ادعى فيها زوراً، أن عددا من المستوطنات غير القانونية هي مستوطنات مستقلة وقائمة بذاتها، وبالتالي تحتاج إلى تمويل.
وهي ترى أن معالجة هذا الوضع لا يتطلب سن قانون جديد لإجلاء وتفكيك المستوطنات غير القانونية وتقترح بدلا من ذلك أن يتم تفكيك المستوطنات الخمس عشرة التي بنيت على أراضي الفلسطينيين فورا ومن ثم إعادة هذه الأراضي إلى أصحابها.
فضلا عن ذلك تدعو "ساسون" إلى وضع حد لأنشطة قطاع المستوطنات حسب تكليفه الحالي، ومنع وزارة الإسكان من التخطيط للمستوطنات وبنائها، أو بناء ضواح جديدة في المستوطنات القائمة دون الحصول على موافقة سياسية مسبقة، وإعادة النظر في وضع مساعد وزير الدفاع لشؤون المستوطنات، ومنع وزير الدفاع من توصيل الكهرباء وإمدادات المياه للمستوطنات غير القانونية.
وهي تقول عن ذلك:"من المهم التأكيد على أن الأمر لا يتعلق فقط بإجلاء تلك المستوطنات وإنما بكافة العمليات المتعلقة بتوفير بنود الميزانية وتحويل الأموال الحكومية إلى تلك المستوطنات". كما تؤكد "ساسون" على أن "جوهر التقرير الذي قدمته يتعلق بتنفيذ القانون، وهو موضوع ليس سياسياً وإنما هو موضوع قانوني صرف ذو أهمية هائلة للدولة الديمقراطية".
وكان حرياً بشارون بعدما ووجه بهذه الشكاوي المتكررة من السلوك الإجرامي والفساد والانتهاكات، أن يسارع لانتهاز الفرصة، ويقوم بتنفيذ التوصيات الواضحة التي قدمت إليه لعلاج مثل تلك الممارسات غير القانونية. وكان حرياً بالرئيس ا