يمكن القول إن مجلس الأمن بقراراته 1513 و1570 وما بينهما وما بعدهما وبخاصة قبوله استقالة الوسيط جيمس بيكر الذي حاول في العام 1997 أن يضع الاتفاق/ الإطار "هيوسن" قد دوّل قضية الصحراء الغربية وزادها تعقيداً. وفي هذا الاتفاق/ الإطار حدد بيكر 3 فئات: 1- الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في لوائح "مينورسو".
2- الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في قوائم المفوضية السامية لمنظمة غوث اللاجئين.
3- الأشخاص الذين عاشوا واستقروا في الصحراء الغربية بصورة متواصلة منذ 30/12/1999. وهذه الفئات منحت حق الاشتراك في انتخاب "رئيس سلطة الصحراء الغربية" وهي نفسها التي ستشارك بعد 4-5 سنوات في تحديد الوضع النهائي لإقليم الصحراء الغربية. غير أن لجان "مينورسو" تلقت حتى الآن أكثر من 130 ألف طعن على هذه الفئات.
وتبدو حالات التوتر وانعدام الاستقرار في محاولة ليبيا وسعيها إلى جمع دول اتحاد المغرب العربي في 17/2/1989، وفي أواسط مايو 2005. ذلك أن الجزائر والمغرب لا تجتمعان بسبب مشكلة الصحراء الغربية. ففي حين تصر الجزائر على أن المشكلة تخص "تصفية الاستعمار" حصراً، ترى المملكة المغربية أن الصحراء الغربية جزء من سيادتها لهذا ترفض المغرب أي حل يتناقض مع المصالح الوطنية الأساسية لها.
وكان بيكر قبل أن يستقيل قد اقترح اتباع "الطريق الثالثة" وجوهرها منح الصحراء الغربية حكماً ذاتياً موسعاً في إطار السيادة المغربية عبر استفتاء يجري بعد مدة تراوح بين 4 و5 سنوات، سوى أن الاختلاف في التفسير أدى إلى تعطيل هذا الاقتراح بعد أن تأزمت العلاقات بين البلدين المعتبرين أساسيين في اتحاد المغرب العربي، وبخاصة بعد أن اعتبر الرئيس الجزائري المغرب "القوة المحتلة" في الصحراء الغربية، لذلك رفضت الجزائر إلغاء التأشيرة على الرعايا المغاربة. ونشبت بين البلدين حرب المذكرات والبيانات والتفسيرات لقرارات مجلس الأمن.
وقد اعتبرت الجزائر رسالة مسؤول التجارة الأميركي إلى عضو الكونغرس أن أراضي الصحراء الغربية (أراض غير مستقلة) موقفاً أميركياً. ويعني هذا في نظر الجزائر أنها تدخل في إطار تصفية الاستعمار. ثم اتبع بيكر تعديلاً لمشروعه زاد في تأزم العلاقات بين البلدين، مع ما يخلفه تعديل بيكر من انعكاسات على طموحات مواطني الصحراء الغربية. وقد لام المغرب الإدارة الأميركية الحالية إذ قدمت إلى المجلس مشروع قرار دعا إلى تأكيد قرار المجلس 1495 (2003) الذي دعا الأطراف إلى البحث عن حل سياسي للنزاع, وأشار إلى عدم إمكانية فرض حل معين دون موافقة الأطراف المعنية، وهي هنا أهالي الصحراء الغربية والمغرب والجزائر. هذا رغم تمسك مجلس الأمن بخطة السلام من أجل تقرير مصير شعب الصحراء الغربية، مما يستوجب أن تقوم الدبلوماسية المغربية بجهود لإقناع الجزائر بإعادة النظر في المشكلة.
وإذا كان الموقف الأميركي في مجلس الأمن مع حق تقرير المصير للشعب الصحراوي، فإن هذا يعني أن الموقف الإسباني الذي أيد التعديل البيكري ووضع نفسه تحت تصرف الوفد الأميركي ليقوم بالنيابة عنه بتبني قرار يدعو إلى التعديل البيكري. وتبدو حالة التوتر وانعدام الاستقرار في التعديل البيكري. فبعد أن أقر المجلس الحل القانوني أصبح هذا الحل مستحيل التطبيق، وأصبح الحل السياسي الذي يتأسس على إرادة وتوافق الطرفين، وهما المملكة المغربية والجمهورية الجزائرية. ويستند المغرب في رفضه إلى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية للعام 1975. وهذا ما دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن يشير في تقريره عن الوضع في الصحراء الغربية إلى "غياب إرادة" لدى الأطراف المعنية في التوصل إلى حل سياسي يقتضي الجلوس إلى طاولة الحوار والتفاوض بشأن طرائق هذا النزاع الذي طال ولا يزال مستمراً في عرقلة تقدم الشمال الإفريقي، بوابة القارة الإفريقية، التي تحتاجها الإدارة الأميركية الحالية.
لقد تكلفت الأمم المتحدة أموالاً كثيرة حتى تحل المشكلة، وبخاصة أنها تتكفل بالإنفاق على "مينورسو" التي تمدد لها كل 6 أشهر ظناً منها أن المشكلة قد انتهت، فإذا بالأمم المتحدة تزيد حالات التوتر وانعدام الاستقرار. ويخشى أن يحيل مجلس الأمن هذه المشكلة إلى الاتحاد الإفريقي أو إلى جامعة الدول العربية، حتى يتخلص منها.