إعلان الشيخة لبنى القاسمي وزيرة الاقتصاد والتخطيط رئيسة الهيئة العليا للتعداد في 29 مايو الماضي عن بدء العمل بالتعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت بالدولة، حدث يتطلع إليه الجميع من مسؤولين ومواطنين في دولة الإمارات لسببين: الأول، للتعرف إلى العديد من الحقائق والمعلومات بالأرقام والإحصائيات التي لا تكذب ولا تتعامل بالعواطف والانفعالات. الثاني، للوقوف على حقيقة العديد من القضايا والمشاكل التي تعانيها الدولة، وللوقوف على الاحتياجات الفعلية للمشروعات العمرانية.
ومن المؤكد أن التعداد له أهميته الخاصة بالنسبة إلى دولة الإمارات وهي تحتاجه أكثر من غيرها من الدول لما تشهده من حركة تطور ونمو متسارعة تتغير معها وبالوتيرة ذاتها البيانات والإحصاءات. والتعداد سيعطي من دون مبالغة الصورة الحقيقية للواقع السكاني والعمراني، ومن خلال تلك الصورة يمكن للمخططين ومتخذي القرار في الدولة تلمس الاحتياجات الفعلية للسكان والوقوف على حقيقة العديد من القضايا الخلافية والجدلية التي تنقسم حولها الآراء، ولذا فإن التعداد فرصة ثمينة ينبغي على فعاليات المجتمع كافة المشاركة في نجاحها وتحقيق أهدافها.
وإذا كانت القرارات والخطط التحديثية والتنموية في الدول المتقدمة لا تبنى عشوائيا فإن طول فترة الانتظار للتعداد، والتي بلغت أكثر من خمس سنوات حيث يفترض أن يكون التعداد قد أجري عام 2000، فإن المأمول أن يكون التعداد القادم منطلقا جديدا لوضع استراتيجية شاملة للتعاطي مع العديد من القضايا الوطنية التي لم يتم التوصل إلى حل لها مثل الخلل في التركيبة السكانية ورصد حقيقة أرقام البطالة والتوطين والأعداد الفعلية للعمالة الوافدة وكذلك الإصدار العشوائي لتصاريح المنشآت الاقتصادية وتوزيعها، وغير ذلك من ظواهر يعود السبب فيها لعدم وجود قاعدة للمعلومات تخدم المخططين ومتخذي القرار.
والمؤكد أن أهمية التعداد والتوقعات المنتظرة منه تستوجب الاستعداد المناسب له لتعظيم مردوده والفائدة المنتظرة منه، ومن الضروري أن يتركز ذلك الاستعداد في تهيئة المواطنين والمقيمين بأهمية التعاون والتفاعل الايجابي مع مندوبي التعداد، فالصعوبات لن تنتهي ببدء التنفيذ واعتماد خطة البداية، فالحصول على معلومات دقيقة جامعة مانعة شاملة تحدٍّ مهم ينبغي تجاوزه كي نستطيع الحديث عن بنية تحتية معلوماتية سكانية يمكن البناء عليها سواء في رصد المتغيرات التي ستتلوها في السنوات التالية أو في اتخاذ القرارات ورسم السياسات. وهنا يأتي دور الإعلام لتوعية السكان بأهمية التعداد خاصة وأن الفترة الزمنية المتبقية للمشروع لا تزيد عن خمسة أشهر، ودولة الإمارات تتميز بتنوعها الجغرافي وأيضا الثقافي كنتيجة للتعددية الثقافية للعمالة الوافدة، وهو ما يحتاج إلى إطلاق حملة إعلامية مخططة ومدروسة لتهيئة الجمهور للتعامل مع مندوبي التعداد مع التأكيد على جدوى هذه الخطوة في رصد الظواهر السلبية وتحليل البنية السكانية والمجتمعية والاقتصادية للدولة، من أجل تشخيص دقيق للواقع الديموجرافي وتبني سياسات وخطط تتجاوب بدقة مع أي أوجه قصور أو سلبيات ومعالجتها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية