حسناً فعل أحمد الجلبي عندما كشف لنا عن أفكاره في مقاله الموسوم المنظر من داخل العراق والمنشور في صفحات وجهات نظر يوم الأحد 31 أغسطس الماضي، فالكاتب أتاح لنا فرصة التعرف على مواقفه وتصوراته لأسلوب معالجة الوضع الكارثي والتأزم السياسي اللذين يعاني منهما العراق وشعبه·
من الملفت للنظر أن عنوان المقال يوحي بأنه يتضمن تحليلاً للأوضاع العامة في العراق، ومعاناة الإنسان العراقي اليومية وغيرها من ملامح العراق المحتل· إلا أن رؤية الجلبي اقتصرت على أسباب التدهور الأمني دون التطرق إلى الظواهر الأخرى، وتقديم وصاياه القيمة لسلطات الاحتلال عن كيفية تحويل العراق إلى سجن أكبر مما هو عليه اليوم·
الأمر الأكثر غرابة في المقال تكرار الجلبي لاستعداد المؤتمر الوطني العراقي والجماعات الأخرى الموالية للتحالف كالأحزاب الكردية لتقدم خدمات معلوماتية وأمنية كـ تقديم قوائم بأسماء أولئك المطلوبين، ومعلومات عن مواقعهم، وكذلك تقديم المساعدة في عمليات استجوابهم · يبدو من هذا الطرح أن الجلبي ما يزال مضطعاً بالمهام نفسها التي كانت مناطة به من قبل الاحتلال، واقتصرت على تقديم معلومات لوسائل الإعلام الأميركية بغض النظر عن صحتها·
إن أكثر فقرات المقال خطورة واستفزازاً هي الوصايا العشر التي قدمها إلى سلطات الاحتلال، وتتعلق بمحاربة ما سمّاه شبكة صدام حسين ، لتحسين الوضع الأمني·
على سبيل المثال يقول الجلبي: تحتاج الولايات المتحدة إلى نزع فتيل الوضع الراهن وتعزيز الأمن في أنحاء البلاد والفوز من جديد بثقة الشعب العراقي · وهذه الوصية تعكس إقراراً واضحاً بخطورة الوضع الراهن واقترابه من الانفجار وفقدان سلطات الاحتلال ثقة الشعب· وبسلاسة ماكرة، يستعمل فيها الجلبي عبارة إعادة الفوز بثقة الشعب للإيحاء بأن الاحتلال سبق وأن حظي بثقة الشعب· إن الجلبي أدرى من سواه بشعور العراقيين نحو المحتلين· فالشعب العراقي كغيره من الشعوب يرفض أن تسلب إرادته وأن يقرر خياراته أجانب محتلون·
سعد داود سرياقوس - كندا