شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة إطلاق العديد من المبادرات المجتمعية، بعضها خيري وبعضها الآخر توعوي، بهدف مواجهة التحديات التي نجمت عن جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19)، وهي التحديات التي طالت كل دول العالم بدرجات متفاوتة، وتهدف هذه المبادرات إلى تقوية حصانة المجتمع ومناعته في التصدي لهذه التحديات.
ومن هذه المبادرات، برنامج «معاً نحن بخير»، الذي تم إطلاقه من قبل هيئة المساهمات المجتمعية «معاً» دعماً لجهود حكومة أبوظبي الحثيثة للتغلب على التحديات العالمية الراهنة من خلال تفعيل دور المسؤولية المجتمعية بفتح باب المساهمات المالية والتطوعية والعينية من الأفراد والشركات. ويعد البرنامج أول مشاريع «صندوق الاستثمار الاجتماعي»، ويعمل البرنامج على توجيه المساهمات المجتمعية بناءً على الأولويات وبالتعاون مع الشركاء المعتمدين، على أن تُخصص عائدات البرنامج المالية والعينية والتطوعية للمعونات والمستلزمات المجتمعية الطبية والغذائية والتعليمية بالدرجة الأولى، بالإضافة إلى كل ما يخدم المجتمع ويعزز قيمه. وفي إطار هذا البرنامج، أعلنت هيئة «معاً» تقديم الدعم اللازم لأولياء أمور طلبة المدارس الخاصة في أبوظبي المتضررين نتيجة الظروف الصحية والاقتصادية الراهنة بالشراكة مع دائرة التعليم والمعرفة. ويشمل الدعم دفع الأقساط المدرسية، أو الحصول على أجهزة كمبيوتر محمولة، أو أجهزة لوحية.
وفضلاً عن هذه المبادرة، فقد تم إنشاء «صندوق الإمارات وطن الإنسانية» بالتنسيق بين الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، والجمعيات والمنظمات الإنسانية في دولة الإمارات، وذلك من خلال استقبال مساهمات الأفراد والمؤسسات، المادية والعينية؛ بهدف توحيد جهود مواجهة جائحة «كورونا» والحد من تداعياتها الصحية والإنسانية والاقتصادية والاجتماعية وفق آلية خاصة بإدارة وتنظيم وإدامة المساهمات، بما يجسد مضامين التلاحم المجتمعي والانتماء الوطني.
كما أطلقت جمعية «كلنا الإمارات» حملة توعوية مهمة تحت عنوان «شيابنا مسؤوليتنا»؛ تماشياً مع توصية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، «أوصيكم بآبائكم وأمهاتكم وأهلكم»، وهذه الحملة تنصبّ حول تقديم كل أوجه الدعم الممكنة لكبار المواطنين وكبار السن في الدولة، بهدف حمايتهم من الإصابة بالفيروس، الذي قد يسبب لهم متاعب كبيرة، حال الإصابة به، بحكم ضعف مناعتهم.
وقد تمثل أحدث هذه المبادرات في إطلاق هيئة الهلال الأحمر الإماراتي مبادرة «انتو بين أهلكم»، التي تدعو فيها ملاك العقارات إلى المشاركة من خلال تخفيض أو إعفاء أو تأجيل فترة دفع الإيجار على المستأجرين. وقد جاءت هذه المبادرة بالتزامن مع قيام بعض الملاك المواطنين والشركات العقارية بتقديم تسهيلات للمستأجرين، من خلال تخفيض قيمة الإيجار أو إعفاء المستأجرين من دفع الإيجار لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر، للتخفيف من الضغوطات الاقتصادية عليهم، ومساعدتهم على تجاوز الأوضاع الطارئة الناتجة عن أزمة جائحة فيروس كورونا.
وقد جاءت هذه المبادرات المجتمعية متزامنة مع مبادرات حكومية شبيهة، الأمر الذي يكشف حالة من الانسجام بين الدولة والمجتمع، أو بين المستوى الرسمي والمستوى الشعبي، حيث إن هناك ثقة مطلقة في قيادتنا الرشيدة من قبل مواطني الدولة وكل من يعيش على هذه الأرض الطيبة.
ويكشف التجاوب المجتمعي الواسع مع هذه المبادرات الخيرة، عن تغلغل ثقافة التكافل الاجتماعي في أوساط مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي يعتبر مجتمعاً خيّراً، يعج بقيم التضامن والتكاتف المجتمعي، بل ويفيض بخيره على الكثير من دول العالم الفقيرة.
وتمر دول العالم كله بظروف استثنائية بفعل ما أفرزته جائحة كورونا، مما يحتم المزيد من التكاتف والتضامن المجتمعي لدعم جهود القيادة الرشيدة في التصدي لهذه الظروف، وتحويل ما تنطوي عليه من تحديات إلى فرص. ولسوف يخرج مجتمعنا من هذه الأزمة أقوى مما كان، ومشبَعاً بمزيد من قيم التكافل الاجتماعي.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.