ها نحن هُنا نعيش هذه الأزمة، وابتلينا بمعرفة الوباء العالمي المسمى بكوفيد - 19 والشهير بِـ «كورونا». وتمر بنا الأيام ونحن نقرأ عن هذا الوباء، خبرهُ العاجل في الصباح، ونُمسي بأخبارٍ متتالية عنه إلى أن يحين وقت النوم. وتمر الأيام بنا ونحن بين الخبر العاجل وبين منشورات توعوية لتفادي الإصابة بالمرض، عبر برامج التواصل الاجتماعي، أو نافذة التواصل المرئي من الإعلانات التلفازية والأخبار المحلية.
سيأتي الغد، وسندرك تماماً أن ذكرى الحجر المنزلي كانت من أروع اللحظات الصعبة الجميلة، والتي جعلت لعلاقتنا في المنزل علاقة متينة، فقد فقدنا سيطرتنا على أعصابنا أحياناً، وقد تغلبنا على رغبتنا في الخروج من المنزل بتغلبٍ نفسي رهيب، وقد أصبح البعض منّا يغلبه الطابع الفكاهي الكوميدي، وقد فوجئنا ببعض الإبداعات والمواهب التي نملكها ونحن لا ندري! وكل هذه الأمور سنستذكرها ونحن نضحك، وستصبح من الذكريات المثيرة لنحكيها لأجيالنا القادمة، سنحكي لهم بأننا كُنا نحمي أنفسنا بهذه الطريقة، سنحكي لهم عن مشاهد الكمامات وقفازات اليدين، سنحكي لهم أن الخروج من المنزل كان لجلب القوت فقط! وقد كنا نجلب المستلزمات الأساسية، كالخبز والخضار والأدوية، ولا غير ذلك، سنحكي لهم عن التزامنا، كشعب، بعدم الخروج من المنزل من الساعة الثامنة مساءً وحتى السادسة صباحاً، تلبية منّا لبرنامج التعقيم الوطني، سنحكي لهم أننا نخدم الوطن بمجرد أننا نمكث في المنزل! أيُعقل ذلك؟ نعم... خدمتنا للوطن هي أننا نبقى في منازلنا. سنحكي لهم بأن شعارنا في تلك الفترة من الزمن هو (خليك_في_البيت)
وماذا بعد، سيشاهدون بيت الله الحرام من التلفاز، وسنحكي لهم بأن هذا المنظر البديع حول الكعبة والمكتظ بالمعتمرين والمصلين لم يكن هكذا في وقت الأزمة، سنُريهم منظر بيت الله الحرام كيف كان حين كان خالياً، وسنقص عليهم قصة «صلّوا في بيوتكم».
سنعود قريباً إلى أعمالنا وانشغالاتنا، وسندرك المعنى الحقيقي لحب الوطن، وخدمة الوطن، والالتزام لأجل الوطن، سنعبر لأجيالنا القادمة عن مدى الصبر الذي حصدناه من هذا الوباء... ولهذا نحن ملتزمون يا وطن!
*كاتبة إماراتية