يعتبر منصب كل من رئيس الاتحاد ونائبه أهم المناصب على الإطلاق في الدولة الاتحادية. ويتضح بأن دستور دولة الإمارات العربية المتحدة، قد منح نائب الرئيس أهمية لا تقل عن الرئيس، ويشير الدستور إلى أن الشخصين اللذين يشغلان المنصبين يجب أن يتم انتخابهما من قبل المجلس الأعلى للاتحاد، ولمدة خمس سنوات قابلة للتجديد.
رئيس الاتحاد يمارس سلطات دستورية واسعة تنقسم إلى ثلاثة أنواع من السلطات، فالرئيس يمارس اختصاصات ينفرد بها لمزاولتها، وأخرى يباشرها عن طريق المجلس الأعلى للاتحاد، وثالثة عن طريق مجلس الوزراء الاتحادي.
وفي إطار صلاحياته يقوم رئيس الاتحاد بتمثيل الدولة في الداخل والخارج، ويدعو المجلس الأعلى للاتحاد للاجتماع، ويستطيع الدعوة إلى عقد اجتماع مشترك بين المجلس الأعلى للاتحاد ومجلس الوزراء الاتحادي، ويرأس اجتماعات المجلس الأعلى للاتحاد، والمجلس الأعلى للدفاع، ويقوم بالتوقيع على المراسيم والقرارات التي يصادق عليها المجلس الأعلى للاتحاد.
ويقوم رئيس الاتحاد بممارسة اختصاص عام يتعلق بتنفيذ السياسة العامة للدولة التي يرسمها المجلس الأعلى للاتحاد.
أما الاختصاصات من النمط الثاني والثالث التي يمارسها الرئيس، فتشمل تلك التي يقوم بها من خلال المجلس الأعلى للاتحاد ومجلس الوزراء، وتشمل إعلان الحرب الدفاعية، وإعلان حالة الأحكام العرفية، واقتراح تعيين رئيس مجلس الوزراء وحل المجلس الوطني الاتحادي، وتعيين الممثلين الدبلوماسيين وقبول اعتمادهم وتعيين كبار الموظفين الاتحاديين، والإشراف على تنفيذ القوانين والقرارات الاتحادية وحق العفو أو المصادقة على أحكام الإعدام، ومنح الأوسمة وأنواط الشرف.
وما يلفت النظر حقاً خلال المسيرة الاتحادية المباركة، على مدى السنوات المنصرمة من عمر الدولة الاتحادية، وهي على مشارف إطفاء الشمعة الخمسين من عمرها المديد، هو قدرة الرئيس ونائبه على قيادة السفينة الاتحادية بكفاءة واقتدار، وبدعم غير محدود من بقية أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، ووفقاً لتوازن دقيق بين ما هو اتحادي، وما هو محلي.
وفي هذا السياق لو قمنا بتعريف الاتحادية في دولة الإمارات بأنها: «وسيلة من وسائل تقسيم السلطة عن طريق قيام الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية بالتنسيق فيما بينها، كل منهما في نطاقه ومجاله المستقل»، وأخذنا في الاعتبار أيضاً أن مقولة الاتحادية في دولة الإمارات تقليدية الطابع بثوب عصري تم تحديدها من قبل الدستور بأنها ذات مستويين اتحادي ومحلي، فإن المسألة تصبح أمامنا أكثر وضوحاً من زاوية قدرة رئيس الدولة ونائبه على الموازنة الدقيقة في قيادتهما للسفينة الاتحادية بين ما هو اتحادي، وما هو محلي.
لقد أدرك القائدان ومنذ البداية بأنه وفقاً للشروط المسبقة لقيام الاتحادية في دولة الإمارات هو وجود مستويين لتركيبة الدولة، هما الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية للإمارات السبع، وأي منهما وفقاً للدستور الاتحادي ليس خاضعاً خضوعاً تاماً للآخر، لكنهما يقومان بالتنسيق مع بعضهما في كل ما يخدم الوطن والمواطنين.
لذلك فإن المسألة تصبح أكثر وضوحاً لفهم أن الرئيس ونائبه قد تمكنا حتى الآن من مسك خيوط المعادلة بشكل فيه قدر عال من القدرة على القيادة السليمة التي تحفظ الوطن وأهله.
وعليه فإننا يمكننا الحديث عن أن رئيس الدولة ونائبه يقودان نمطاً من الاتحادية السائرة نحو التنمية العصرية الشاملة المستدامة، ونمطاً من الحداثة الإماراتية المتميزة الآخذة في الترسخ والتطور، كاتحادية متجددة بعيداً عن النصوص الدستورية والقوانين الصامتة التي لا حيوية فيها، مع أخذهما بعين الاعتبار أن الاتحادية القائمة من المفترض فيها ألا يتجاوز أي من المستويين (المحلي والاتحادي) الشروط الواردة في الاتفاق المعقود لإقامة الدولة الاتحادية، وبأن الدستور هو الذي ينظم العلاقة بين المستويين، وهو فوق جميع مستويات الحكومة.
*كاتب إماراتي