يتساءل كثير من المراقبين في الوقت الحالي: أين دور المختبرات العلمية العالمية المتخصصة في إنقاذ الإنسان من الهلاك؟ وأين الخبرات الطبية التي لا تتوقف عن إجراء الاختبارات المختبرية على الفئران في كل مناسبة وفي أكثر من حدث طبي في أنحاء العالم المتقدم؟
وقد تساءل بعض المتهكمين على بعض المؤسسات والجهات التي تصرف مكافآة مالية كبيرة ومدهشة لصالح اللاعبين والمطربين ومحترفي السيرك والتهريج والاستعراض، وهي مكافآت بلغت مليارات الدولارات في بعض الأحيان، تشجيعاً لأؤلئك الأشخاص وخدماتهم التي يقومون بها لإسعاد الجمهور: ولماذا لا يتم صرف مثل تلك المكافآت المجزية لصالح العلماء والأطباء والعباقرة من المختصين والباحثين الذين يمكنهم إنقاذ البشرية من خلال بحوثهم الطبية النافعة للناس جميعاً؟!
وفي هذا الخضم قال الرئيس الصيني: «نخوض معركة شرسة وخطيرة ضد فيروس شيطاني»، بينما صرح رئيس وزراء فرنسا بالقول: «نمر بأسوأ أزمة صحية منذ 100 عام». وتوقعت ألمانيا إصابة 70 في المئة من السكان بكورونا. وقال رئيس الوزراء الإيطالي: «فقدنا السيطرة على محاربة المرض»، وأدلى نظيره البريطاني بتصريح هو الأكثر إحباطاً: «ستفقدون أحباءكم قبل وقتهم».
وعلّق البعض بالقول ساخراً: اذهبوا إلى اللاعبين والمطربين لمعالجتكم وإنقاذكم من هذا الوباء الخطير والقاتل، مستغرباً لماذا لا يهتم العالم بالدراسات العلمية الطبية والمختبرية وتقييمها وتعزيز دورها ودعم مراكز البحوث وتشجيعها، وهي أكثر ما يحتاجه العالم في كل وقت وحين لحماية الإنسان من الأوبئة والأمراض المعدية والفتاكة. وقد اتضح مدى عجز العالم اليوم عن إيجاد علاج لهذا لوباء كورونا الذي غزا أنحاء المعمورة كلها من دون سابق إنذار وحتى عن معرفة أسباب انتشاره بهذا الشكل السريع والمرعب والمخيف، ليتحول إلى أزمة دولية عويصة، حيث وقف العالم مدهوشاً ومذهولاً أمام فيروس صغير لا يُرى بأجهزة الميكروسكوب إلا بعد تكبيره ملايين المرات.. لكن أحداً لم يستطع الوقوف في وجهه أو الحد من انتشاره، ولا حتى معرفة منبعه ومصدره وأسباب تفاقمه، ولا إلى أين سيصل، ومتى يتوقف وما هو علاجه؟!
إنه اختبار صعب وامتحان قاس يضع العالم وخبراته العلمية وإمكاناته التقنية على المحك من جديد، في وقت يتباهى فيه العالم المتقدم بأنه تطور في كل شيء وعلى جميع المستويات، بصورة مذهلة وسريعة ومدهشة للغاية، خصوصاً في إنتاج الأسلحة الفتاكة التي تدمر البشر من خلال تقنيات إلكترونية ذكية ودقيقة تقضى على البشرية خلال ثوان معدودات وعن بعد.. لكنها أسلحة عاجزة اليوم عن حماية الناس من هذا الوباء القاتل، السريع في انتشاره والخطير في نتائجه، والذي نسف وقزّم كل كلام حول القدرات العلمية والتقنية الفائقة للدول المتقدمة، وحول ما يقال عن إمكانياتها الجبارة والحديثة والدقيقة، والتي صرفت عليها ميزانيات بأرقام فلكية، وما يقال من أن هذه الإمكانيات الرهيبة قد وُضعت ووظِّفت لحماية البشرية من الأخطار وليس لتدمير الإنسان وقتله؟!

*كاتب سعودي