قد يوقع فيروس كورونا في حبائله ضحية غير متوقعة هي منطقة اليورو. وقد تقوم إيطاليا بدور كبير في هذا الشأن. فقد تعطل اقتصاد البلاد جراء الأزمة الصحية الهائلة، فكل متاجر البيع بالتجزئة والمطاعم وأماكن الترفيه الأخرى أُغلقت على امتداد البلاد، فيما عدا الضروري منها مثل متاجر بيع مواد البقالة والصيدليات. وهناك ملايين الإيطاليين لا يعملون حالياً. وهذه الإجراءات قد تضر بأي اقتصاد. لكن اقتصاد إيطاليا ضعيف أصلا، ومنذ عقود. فلم ينْم إنتاجها المحلي الإجمالي تقريباً على مدار عشرين عاماً الماضية. ومعدل البطالة فيها يبلغ 9.8% وهو أحد أعلى معدلات البطالة في أوروبا. والأسوأ من هذا أن إيطاليا من أكثر دول العالم ديوناً. فنسبة ديون الحكومة بلغت 138% من الناتج المحلي الإجمالي قبل وقوع أزمة كورونا.
وستضغط الأزمة الاقتصادية الإيطالية بشدة على اليورو. وإذا أضعفت الأزمة بنوك إيطاليا بدرجة ما، فسيضطر البنك المركزي الأوروبي لتنفيذ عملية إنقاذ كبيرة. والشروط التي فرضها البنك المركزي الأوروبي على اليونان (العضو الآخر بالاتحاد الأوروبي) بعد أن اقتربت من العجز عن السداد، توضح أن الإيطاليين سيواجهون أعواماً من الكساد والركود.
والحكومة الإيطالية الحالية ضعيفة للغاية والمعارضة التي طالما عارضت العضوية في منطقة اليورو قد تتولى السلطة قريباً، وقد لا تتردد في السعي إلى الانفصال عن الاتحاد الأوروبي. وإذا تركت إيطاليا اليورو فلن يمر وقت طويل حتى تنحسر منطقة اليورو في الدول الشمالية الأقوى، وربما تنهار تماماً. وكان من المفترض أن يقرب اليورو بين الدول، فتقوم الاقتصاديات الضعيفة، مثل إيطاليا، بتعديلات هيكلية لتصبح أكثر شبَهاَ باقتصاد ألمانيا، وتقوم الاقتصاديات الأقوى ببعض التضحيات لدعم الدول الضعيفة. لكن أزمة إيطاليا الاقتصادية تنقل رسائل تحذير واضحة بأن الانهيار المالي قادم. ولعل زعماء أوروبا لا يتجاهلون هذا.


*باحث في مركز الأخلاقيات والسياسة العامة
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»