جعل الرئيس دونالد ترامب «هيمنة الطاقة» الأميركية جزءاً رئيسياً من برنامج إعادة انتخابه. لكن هبوط أسعار النفط يهدد بتقويض رسالته لعام 2020. فقد شهدت أسعار النفط يوم الإثنين أحد أكثر الانخفاضات دراماتيكية في التاريخ بعد قرار المملكة العربية السعودية بزيادة إنتاجها من النفط وسط تباين في الأسعار مع روسيا. وأسفرت النتيجة عن محو مئات المليارات من الدولارات من القيمة السوقية لصناعة النفط والغاز في الولايات المتحدة، وثبطت بقية الاقتصاد الأميركي معها.
هذه أخبار سلبية بالنسبة لترامب، الذي يحاول طمأنة الناخبين في الولايات الرئيسية المتأرجحة التي تنتج النفط والغاز، خاصة كولورادو وبنسلفانيا وتكساس، بأنه أفضل شخص يرعى الاقتصاد الأميركي على مدى السنوات الأربع القادمة. وقد انتقل ترامب من الترويج لأدائه الاقتصادي باعتباره «الأفضل على الإطلاق»، إلى محاولة تقليل الآثار مع انتشار فيروس كورونا في أنحاء الولايات المتحدة وخسارة الأسواق بسببه.
ويتمثل جزء كبير من أجندة «هيمنة الطاقة» التي يروج لها ترامب خلال حملته في التأكد من نمو صادرات النفط والغاز الأميركية. بيد أن دور البلاد كمصدِّر للطاقة يتعرض للخطر بسبب وفرة النفط الموجودة الآن في السوق، وكذلك تراجع الطلب بسبب صدمة فيروس كورونا والتي تؤثر على الاقتصاد العالمي.
وقال «جاسون بودروف»، المدير المؤسس لمركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا: «إذا استمرت حرب أسعار النفط الحالية، فستؤدي لحالات إفلاس واسعة النطاق من خلال التراجع الحاد في إنتاج النفط الأميركي، مما قد يتسبب في عودة صافي واردات النفط في الولايات المتحدة إلى الارتفاع مرة أخرى». وهذه نتيجة أخرى ملحوظة للانتشار السريع لفيروس كورونا، والذي تكافح إدارة ترامب لاحتوائه.
لقد بدأ الأمر كله إلى حد ما في جميع أنحاء العالم، ويرجع في الغالب إلى شيء خارج سيطرة البيت الأبيض:
- انهار تحالف هش داخل «أوبك+» خلال نهاية الأسبوع بعد أن رفضت موسكو خفض إنتاجها من النفط. وكانت المملكة العربية السعودية تريد العمل مع الروس لدعم أسعار البرميل مع ضعف الطلب على الطاقة بسبب تفشي الفيروس. وعندما رفضت روسيا، قررت السعودية الإنتاج وفق ما تراه مناسباً.
- أدت الوفرة في النفط إلى انخفاض سعر مؤشر غرب تكساس الوسيط بمقدار الربع ليصل 31 دولاراً للبرميل بنهاية تعاملات يوم الإثنين. وانخفضت قيمة أسهم شركات الطاقة الأميركية، التي لا تستطيع التنافس مع الخام السعودي الرخيص والوفير، بنسبة 17 في المئة. وكان هذا الانخفاض في سعر النفط «هو الأكثر حدة منذ تراجع الأسعار بنسبة 35? في 17 يناير 1991»، تاريخ بداية عملية «عاصفة الصحراء» في العراق، وفقاً لما ذكره زميلاي «ستيفن موفسون» و«ويل إنجلوند».
- ربما تزداد الأمور سوءاً بالنسبة للمنتجين الأميركيين قبل أن تتحسن. وقد حذر بنك «جولدمان ساكس» من أن سعر 20 دولار للبرميل في السوق الدولية قد يكون احتمالا حقيقياً.
وفي تغريدة له وسط هذه الزوبعة، أكد ترامب على تراجع أسعار البنزين خلال الأسابيع القادمة. وهذا تحول بـ360 درجة عن الاحتفال بنهضة منتجي الطاقة الذين قال إنهم حققوا عودة رائعة خلال إدارته. وكتب ترامب على تويتر: «من الجيد بالنسبة للمستهلكين أن أسعار البنزين ستنخفض». وحاول تعليق انخفاض أسعار النفط على وسائل الإعلام الإخبارية. وفي الواقع، فسيشهد السائقون بعض الراحة في محطات البنزين، حيث ينخفض متوسط سعر البنزين الوطني بمقدار 20 إلى 30 سنتاً في الأسبوعين أو الثلاثة أسابيع القادمة، وفقاً لشركة «جاز بودي» التي تتتبع أسعار الوقود في جميع أنحاء البلاد. وقال رئيس الشركة «أليسون ماك»: «لا يبدو أن أي شخص سيتراجع، لذلك إذا استمر هذا، فإنه يمكننا أن نرى العالم يطفو بالنفط. وإذا استطاعوا التوصل لاتفاق، فيمكننا أن نشهد ثباتاً للأسعار».
غير أن انخفاض أسعار الوقود ليس أمراً جيداً بالنسبة للاقتصاد الأميركي ككل، بحسب «كيفين بوك» الذي يدير الأبحاث في موقع «كلير فيو إنيرجي»، وذلك بسبب التأثير السلبي الذي سيحدِثه انخفاض الأسعار على شركات النفط والغاز.
وسيواجه قطاع النفط والغاز الأميركي صعوبة في بيع منتجاته في الخارج، وكما يقول بوك فربما تكون له حصة سوقية أقل هيمنة في المستقبل. وهذه ليست أخبار عظيمة للرئيس الذي يحاول تصحيح العجز التجاري الأميركي.
ومن شأن الانخفاض في أسعار البنزين أن يكون له تأثير سلبي وإيجابي بالنسبة لترامب من الناحية السياسية. ووفقاً لموقع «كلير فيو إنيرجي»، فإن المقيمين في الولايات التي فاز فيها ترامب عام 2016 يميلون إلى إنفاق المزيد على الطاقة، لكنهم ينتجون بشكل جماعي معظم النفط والغاز والفحم في البلاد.
وقد حاول لوبي النفط والغاز التحدث بنبرة واثقة في مكالمة هاتفية مع الصحفيين يوم الإثنين الماضي، وقال «مايك سومرز»، رئيس معهد البترول الأميركي: «لا شك أننا نمر بوقت عصيب، لكننا نجحنا في اجتياز هذه الفترة المعقدة من قبل كأمة وكصناعة». لكنه اعترف قائلا: «لا أحد يستطيع كسب أي أموال بسعر 30 دولارا للبرميل».
وقال معهد النفط إنه لم يطلب بعد أي شيء من إدارة ترامب، لكن البيت الأبيض أعد قائمة من الخيارات لمساعدة شركات الطيران والفنادق والرحلات البحرية المتعثرة.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»